كل شيء عن مرض الجدري وعلاجه

ظهر فيروس الجدري منذ آلاف السنين، وبدأ يصيب العديد من الأفراد، وتسبب في العديد من الوفيات بين مختلف الفئات، ونظرًا لأنه فيروس معدي، فقد كان سريع التفشي بين الأشخاص، وفقد كان يظهر بين فينة وأخرى ليحصد العديد من الأرواح، وبعد مرور السنوات، وتطور العلوم بكافة أشكاله، نجح العلماء في التوصل إلى تطعيم لوقف داء الجدري، حيث كان أخر مرة تفشى فيروس الجدري في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1949.

 

وفي عام 1980 ، أعلنت منظمة الصحة العالمية، أنها نجحت في القضاء على فيروس الجدري، ولم يحدث أن تفشى مثلما كان يحدث من قبل منذ ذلك الحين، وعلى الرغم من ذلك يظهر فيروس الجدري على نطاق ضيق، ويصاب بعض الأشخاص، لذا لا يزال العديد من دول العالم والمنظمات المعنية بتقديم أبحاث مستمرة، وتطوير اللقاحات والعلاج، واجراء التجارب، لحماية الأفراد من الإصابة بالجدري، إذا تم استخدامه في الإرهاب البيولوجي.

 

ما هو الجدري ؟

الجدري: هو مرض معدي، تم اكتشافه منذ عقود ماضية، وبعد اكتشاف التطعيم، تم القضاء عليه في جميع أنحاء العالم، وسبب المرض هو فيروس ينتقل من شخص لأخر، بعد مهاجمة الفيروس جسم الإنسان، يصاب الأشخاص بارتفاع في درجات الحرارة، ويظهر طفح جلدي له مظهر مميز، وندوب دائمة تتطور مع مرور الوقت، وتنتشر في مناطق واسعة في الجسم، وخاصة في وجوههم، وأحيانًا يصل إلى العين، مما يسبب العمى.

 

وبحسب احصائيات صادرة من منظمة الصحة العالمية، فإن ما يقرب من ثلث المصابين بالجدري، توفوا نتيجة المرض، حيث أكدت المنظمة أنه 3 من بين 10 أشخاص أصيبوا بالجدري توفوا، وبالرغم من تحقيق اللقاح نتائج كبيرة في القضاء على الفيروس.

 

إلا أنه لا تزال عدد من المختبرات العالمية في الولايات المتحدة وروسية محتفظة بعينات من الفيروس، مما يزيد المخاطر بإمكانية استخدامه في الحرب البيولوجية القادمة، ولهذا السبب ، لا يزال عدد من أفراد الجيش يأخذون لقاح ضد الفيروس خوفًا من إصابتهم بأي عدوى محتملة.

 

جهود لاحتواء وعلاج مرض الجدري في وقت مبكر

كانت إحدى الطرق الأولى للسيطرة على انتشار الجدري هي استخدام اللقاح، حامل للفيروس بعد تعديله، وسمي هذا اللقاح بالفيروس المسبب للجدري، حيث يتم تعطيم الأشخاص الذين لم يصابوا بالجدري من قبل، حتى عندما يصيبهم يصبح أقل في أعراضه ومخاطره.

(مقال متعلّق)  علاج الجدري التقليدي و الطبيعي

 

يتم تعاطي هذا اللقاح من خلال الحقن في الذراع، أو الاستنشاق من خلال الأنف، ومن خلال هذان النوعان من اللقاح، فإنه يساعد الجسم على تكوين مناعة أقوى ضد تلك الأمراض، وخاصة المرتبطة بالطفح الجلدي، كالجدري والحمى، حقق هذا اللقاح بعض النتائج الإيجابية، ولكن استمر وقوع حالات وفاة، وإن كانت أقل من الأشخاص الذين سقطوا قبل تناوله.

 

حيث بدأ العمل على تطوير مصل مضاد للجدري منذ عام 1796، حيث لاحظ طبيب إنجليزي يدعى إدوارد جينر، أن عدد من السيدات الاتي يرضعن، واللاتي تم حقنهن بهذا اللقاح، لم تظهر عليهم أي أعراض للجدري بعد إصابتهن له، وفي عام 1801، نشر جينر أطروحته حول نتائجه وما توصل إليه، ونصح بضرورة تطوير تلك التجارب حتى يتم القضاء على الجدري، والذي كان واحد من أكثر الأوبئة ترويعًا للبشر في تلك الحقبة.

 

وبعد عمل عدد من العلماء على تطوير ما توصل إليه جينر، أصبح التطعيم متاحًا في كثيرًا من دول العالم، وحل محل طريقة اللقاح المستخدمة في الماضي، حيث أنه في القرن التاسع عشر، أجريت تجارب لتحويل فيروس جدري البقر إلى فيروس خامل يستخدم في التطعيم لحماية الأفراد من الإصابة به.

 

ما الذي يسبب الجدري ؟

اﻟﺠﺪري ﻳﺴﺒﺒﻪ ﻓﻴﺮوس اﻟﺠﺪري اﻟﺬي ﻳﺴﻤﻰ (الجدري)، هو فيروس كبير نسبيا يحتوي على حمض نووي، مزدوج الشريطة، حيث تم العثور على الفيروس بأعداد كبيرة في العديد من أعضاء الجسم، مثل الجلد، والكلى، والطحال، والكبد، وغيرها من الأعضاء، للأشخاص المصابين، وقد يؤدي الجدري إلى الموت بسبب تسمم الدم، الذي هو أحد مضاعفات الإصابة بالجدري.

 

ويعتقد أن الإصابة بالجدري ترجع إلى تفاعل عدد من الجسيمات الفيروسية مع النظام المناعي المعقد داخل جسم الإنسان، لا تحدث عدوى الجدري إلا بين البشر، مما يكون أسهل في القضاء على المرض. هناك نوعان من سلالة الجدري، يطلق عليها الجدري القاصر أو الثانوي، والجدري الرئيسي، وقد يسبب النوع الثاني في مضاعفات خطيرة قد تؤدي إلى الوفاة.

 

ما هي عوامل الخطر التي تسبب الإصابة بالجدري ؟

خلال العقود الماضية، غالبًا ما كان ينقل الجدري، من خلال شخص أخر مصاب بالجدري، عندما يتعرض الشخص لزازات ملوثة محملة بالفيروس أثناء السعال أو العطس من شخص مريض، فإن نسب إصابته بالعدوى تكون عالية جدًا، إلا أن بعض الأبحاث أشارت إلى امكانية اصابة الشخص بالفيروس نتيجة لمسه لعناصر ملوثة بشدة، ومن ثم تنتقل الفيروسات إلى الأغشية المخاطية الخاصة به، وإن كان ذلك يحدث نادرًا.

 

وفي الوقت الحالي، تظل عوامل الخطر الرئيسية نشطة في مختبرات عالمية ذو جودة عالية، والتي يحتمل أن تكون لاتزال حاضنة للفيروسات الجدري، إما عن طريق المصادفة، أو أثناء تفاعها مع فيروسات أخرى، والتي ربما تستخدم كسلاح فيروسي في المستقبل.

(مقال متعلّق)  علاج الجدري التقليدي و الطبيعي

 

هل الجدري معدي ؟ ومتى يكون معدي؟

يعتبر الجدري شديد العدوى، حيث يتسبب في نشر العدوى إبان الإصابة بالفيروس، وقبل ظهور أعراض المرض، ثم تتوقف العدوى في زخم الإصابة بهذا المرض، ليصبح معدي مرة أخرى، حتى بعد الشفاء لمدة أسبوع، وحتى تتنهي جميع الندوب المتواجدة في جسده ووجه.

 

ما هي فترة الحضانة للجدري؟

فترة الحضانة للجدري هي أطول بقليل من فترة حياة العديد من الفيروسات الأخرى، حيث تتطور الأعراض بعد 7 إلى 17 يومًا من الإصابة بالفيروس.

 

ما هي علامات أو اعراض الجدري ؟

الحمى هي الأعراض الأولية الأكثر شيوعًا ويمكن أن تكون شديدة للغاية، ويرافق ذلك آلام في الجسم وقشعريرة في الجلد وصداع. في كثير من الأحيان ، يكون المريض غير قادر على مغادرة فراشه، فيكون لديه احساس بالتعب وشعور عام بالضيق والعصبية.

 

في غضون 24 إلى 48 ساعة، يبدأ ينتشر طفح الجلدي في كل مكان على الجسم، وخاصةً على الساقين والذراعين والفم والوجه، وقد يتطور الأمر أيضًا ليصل إلى التهاب البلعوم –التهاب في الحلق-، وآلام البطن وآلام الظهر وأحيانًا يتطور إلى القيء.

 

قد تتأثر العيون أيضًا، مما يؤدي إلى احتمال الإصابة بالعمى، وتتشابه الأعراض عند الأطفال مع الأعراض عند البالغين، حيث يظهر الطفح الجلدي على الراحتين والأخمصين ويستمر في الانتشار مع استمرار المرض وعدم التعجيل بعلاجه.

 

في البداية، يتألف الطفح من نقاط حمراء، تبدأ تنتفخ، حيث تمتلئ بالسوائل، وقد تتحول إلى اللون الأصفر، وتشبه القيح، وقد يبدأ الطفح في الظهور على شكل نقط حمراء معبأة بالدماء، ويسمى بالجدري النزيفي، وإن كان يحدث نادرًا، حيث أنه الأشد خطورة، وغالبًا ينتهي بالوفاة.

 

بعد أسبوع إلى أسبوعين، تختفي تلك الندوب، وتتطاير بقايا تلك الجروح، وأحيانًا تترك ندوبًا عميقة في الوجه، إحدى السمات المحددة للجدري هي أن جميع الندوب التي تظهر على الجسم، تمر بمراحل التطور في نفس الوقت حتى تختفي، بعكس الجدري المائي، حيث تبدأ تظهر الندوب في الوقت الذي تشفى فيه أخرى.

 

كيفية تشخيص المرض؟

يمكن للطبيب معرفة أن المريض يعاني من الجدري مجرد النظر إلى الطفح الجلدي الذي ينتشر على جسده، ومن ثم يتلقى العلاج المناسب.

 

معلومات اضافية عن مرض الجدري:

 

البرنامج العالمي للقضاء على الجدري

في عام 1959 ، بدأت منظمة الصحة العالمية (WHO) خطة للقضاء على الجدري في العالم، ولكن عانت تلك الحملة من العديد من العقبات مثل نقص التمويل، وعدد الموظفين المشاركين، وتجاهل عدد من الدول استخدام اللقاح، أو التوعية بضرورة تعاطيه، فضلاً عن النقص في التبرعات الخاصة باللقاحات، وفي الوقت الذي قدمت فيه المنظمة جهود مضنية من أجل الحد من هذا المرض.

 

انتشر الجدري على نطاق واسع في عام 1966 ، مما تسبب في وقوع أعداد كبيرة من الوفيات في العديد من البلدان في جميع أنحاء أمريكا الجنوبية وأفريقيا وآسيا لذا لزم الأمر مزيدًا من الجهد من أجل نشر حملتها ضد هذا الفيروس المدمر، ففي عام 1967، تعهدت المنظمة بتطوير برنامجها لإجبار الدول على الالتزام به، وبدأ العلماء يعكفون على تقديم لقاح عالي الجودة في العديد من المختبرات حول العالم، وخاصة في الدول التي تفشى فيه المرض مسبقًا.

(مقال متعلّق)  علاج الجدري التقليدي و الطبيعي

 

واعزى سبب نجاح التطعيم، بسبب الجهود المكثفة التي بذلها العلماء من أجل تطوير الإبرة التي تستخدم في التطعيم، وكذلك نظم الرقابة للكشف عن الحالات، والتأكد من الإصابة، كما قدمت المنظمة حملات تطعيم جماعية وبعد البرنامج الذي أطلقته منظمة الصحة العالمية عام 1967، تم القضاء بالفعل على الجدري الذي انتشر انتشارًا كبيرًا عام 1952، وفي أوروبا عام 1953، وأدت إلى منع انتشاره أيضًا في أمريكا الجنوبية وآسيا وأفريقيا.

 

وفي تلك الفترة لم يكن الجدري موجودًا في استراليا مطلقًا، حقق البرنامج تقدما مطردا نحو تخليص العالم من هذا المرض ، وبحلول عام 1971 تم القضاء على الجدري نهائيًا من أمريكا الجنوبية ، تليها آسيا عام 1975، وأخيرا أفريقيا 1977.

 

 

موطن الجدري

إن بداية ظهور الجدري لم تثبت ثبوتًا قطعًا، حيث أشار عدد من علماء الآثار وجود طفح جلدي يشبه الجدري، عثر عليه بعض فحص ثلاث مومياوات تعود للعصر الفرعوني، منذ حوالي القرن الثالث قبل الميلاد.

 

كما أوضحت عدد من المخطوطات القديمة التي تعود للقرن الرابع الميلادي، في الصين، وصف لداء انتشر في تلك الحقبة، وجاءت أعراضه تشبه الجدري لحد كبير، أما في الهند أظهرت بعض الكتابات التي عثر عليها، ظهور مرض يشبه الجدري، في القرن السابع، والوضع مشابه في آسيا الصغرى في القرن العاشر.

 

انتشار الجدري

يمكن القول أن السبب في انتشار الجدري إلى زيادة التفاعل بين الحضارات، والتواصل بين الشعوب المختلفة، ومع زيادة النشاط التجاري عبر القرون، وذلك خلال الحقب التاريخية الآتية:

 

  • القرن السادس:

أدى تزايد التجارة مع الصين وكوريا، إلى تفشي الجدري في اليابان.

 

  • القرن السابع:

وبسبب الفتوحات العربية ظهر الجدري إلى شمال أفريقيا وإسبانيا والبرتغال.

 

  • القرن الحادي عشر:

أدت الحروب الصليبية إلى انتشار الجدري في أوروبا.

 

  • القرن الخامس عشر:

أدى الاحتلال البرتغالي إلى تفشي الجدري في أجزاء من غرب أفريقيا.

 

  • القرن السادس عشر:

أدى الاستعمار الأوروبي و تجارة الرقيق القادم من افريقيا إلى انتشار الجدري في منطقة البحر الكاريبي وأمريكا الوسطى والجنوبية.

 

  • القرن السابع عشر:

بعد انتقال عدد من شعوب أوروبا إلى أمريكا الشمالية، أدى إلى ظهور العديد من الحالات هناك.

 

  • القرن الثامن عشر:

أدى الاحتلال البريطاني إلى تفشي الجدري في استراليا.

 

 

المراجع:

  1. Medicine Net: Smallpox
  2. CDC: History of Smallpox