عصير قمر الدين : سر التسمية والفوائد وسبب ارتباطه بشهر رمضان

عصير قمر الدين هو نوع من المشروبات السكرية السميكة الشهيرة في بلاد الشرق الأوسط خلال شهر رمضان الكريم، ويحظى بشعبية كبيرة للغاية خلال شهر رمضان، ولكنه منسي تماما خلال باقي أيام العام، وهو يمد الجسم بالكثير من الفوائد الصحية إلى جانب جزء كبير من العناصر الغذائية المهمة، فبعد يوم صيام طويل يكون واحدا من أفضل المشروبات لإمداد الجسم بالطاقة فور وصوله إلى المعدة.

 

ويعتمد قمر الدين على المشمش الناضج ذو اللون البرتقالي الرائع، وكلما كان المشمش ناضجا كان قمر الدين أكثر روعة في المذاق، وهو مشروب سوري الأصل، حيث اشتهرت سورية به في البداية حتى انتقل إلى جميع الدول العربية وأيضا إيران وتركيا.

 

ولكن لا تزال النساء في سورية هن الأقدر على صناعته، ومن يشرب قمر الدين في سورية لا يتذوق مثله قط حيث أنه جزء من الثقافة السورية الأصلية، رغم أن زراعة المشمش أصلا بدأت في الصين بعد اكتشافه قبل نحو 1000 عام من ميلاد المسيح في بكين.

 

ولكنه انتقل إلى شمال بلاد فارس ومنها إلى بقية دول آسيا، ومنها سورية بفضل الغزوات الإسلامية وانتقلت زراعة المشمش إلى بغداد لكنه ازدهر كثيرا في سورية لأنها كانت ارض الفواكه في هذا العصر وأصبح جزءا مهما هناك تتنافس في صناعتها المدن السورية المختلفة سواء دمشق أو حلب أو حماة وغيرها.

 

سر تسمية عصير قمر الدين بهذا الاسم

تنتشر الكثير من الروايات عن سر تسمية قمر الدين بهذا الاسم، وإن كان أشهرها أن بداية اختراع قمر الدين كانت مع دخول شهر رمضان المبارك ووجد الناس فيه طعما شهيا ولذيذا عن المشروبات الأخرى فأطلقوا عليه لقب قمر الدين تيمنا بهلال شهر رمضان.

 

وهناك رواية أخرى تقول أنه سمي بقمر الدين على اسم أشهر صناعه في سورية، حيث كانت البداية لقمر الدين في الغوطة، ويقال أن أشهر صانعيه كان يدعى قمر الدين وهو الاسم الذي يُطلق على الشخص شديد التدين حتى ليكون وجه نورانيا.

 

كما أن هناك رواية أخرى ولكنها من مصر حيث يُحكى أن أحد الخلفاء الأمويين كان يأمر بتوزيع شراب المشمش المجفف في بداية شهر رمضان وكان الناس يقولون أنه (أمر الدين) وتم تحريف الكلمة بعد ذلك إلى قمر الدين، لكنها تعتبر رواية ضعيفة إلى حد ما حيث أن أصل قمر الدين في سورية، وتم نشره منها إلى كل الدول حولها.

 

كما أن سر صنع شراب مشمش مركز هو أيضا يعتبر لغزا، ولكن لأن موسم المشمش يكون قصيرا للغاية ويفسد سريعا في الجو الحار، فربما حاول الشعب السوري الاستفادة منه طوال العام بتلك الطريقة الذكية من خلال تركيزه وتجفيفه وإضافة القليل من السكر وزيت الزيتون لمنع الالتصاق ثم تناوله في اي وقت صيفا أو شتاء ويمكن أن يتم تناوله باردا أو ساخنا.

 

سبب ارتباط عصير قمر الدين بشهر رمضان

وكما ذكرنا فإن قمر الدين متوافر طول العام حيث يمكن أن يتحمل تغير درجة الحرارة لعام أو عامين، ورغم ذلك فلا يتناوله الناس تقريبا إلا في شهر رمضان، وهذا من الأشياء التي تثير الكثير من الاستغراب.

 

لكن ربما أنه ارتبط بعادات الشهر الفضيل مثل القطايف والفانوس وصلاة التراويح، حتى أن الناس اعتبرته مشروبا رمضانيا خالصا، لكن يمكن تناوله بشكل طبيعي طوال العام وهو شهي للغاية وهو ساخن في الشتاء بالإضافة إلى أنه يمد الجسم بالكثير من المغذيات الضرورية.

 

طريقة صنع عصير قمر الدين

ويمكن تحضير عصير قمر الدين في المنزل بأكثر من طريقة، سواء بشراء لفة قمر الدين وتقطيعها ونقعها في الماء لعدة ساعات ثم تقليبها وإضافة السكر والماء حسب الرغبة، كما يمكن صنع قمر الدين نفسه من المشمش للتحكم في كمية السكر والاحتفاظ بجميع العناصر الغذائية فيه.

 

حيث يمكن أن نأتي بكيلو غرام من المشمش الناضج ونقطعه إلى قطع صغيرة، ثم نضعه في الخلاط مع القليل جدا جدا من الماء ونفرمه جيدا ثم نضع كمية السكر المرغوب فيها ونضعه على النار ونقلب باستمرار حتى الغليان.

 

ثم نهدئ النار للغاية ونتركه حوالي نصف ساعة على النار، ثم نقلب من جديد ونطفئ النار، ثم نسكبه في وعاء زجاجي ونضعه في البراد ونستخدمه عند الحاجة، وعند التقديم نضع القليل منه في الكوب ونضيف الماء والسكر حسب الرغبة.

 

كما يمكن وضع عصير المشمش المركز بعد أن يبرد في كيس بلاستيكي مدهون بالقليل جدا من زيت الزيتون لمنع الالتصاق والتربيت عليه حتى تتكون لفة رفيعة مثل التي في السوق، ونضعها في البراد لتتجمد ونأخذ منها عند الحاجة.

 

فوائد عصير قمر الدين

لا يمكن إحصاء فوائد عصير قمر الدين، فهو في الأصل يعتمد على المشمش، وهو من الفواكه التي تتمتع بالكثير من العناصر الغذائية مثل النحاس والحديد والمنجنزي والمغنسيوم والنياسين والبوتاسيوم والفسوفور وفيتامينات أ و ج وهـ و ك وغيرها، مما يمد الجسم بالطاقة ويحافظ عليه من الكثير من الأمراض، ومن أهم فوائد عصير قمر الدين:

 

1. يحسن من عملية الهضم:

عصير قمر الدين غني للغاية بالألياف مما يحسن من عملية الهضم ويساعد على الوقاية من الإمساك خصوصا بعد يوم طويل من الصيام وإقبال الشخص على الطعام بشراهة مما قد يؤدي إلى عسر الهضم.

 

لكن تناول قمر الدين قبل الإفطار وبعد يساعد على قمع الشهية إلى حد كبير فيجعل الشخص يأكل باعتدال، كما أن الألياف الموجودة فيه تساعد على إفراز الصفراء وبالتالي كفاءة الكبد في هضم الطعام والتخلص سريعا من الفضلات، وتوزيع الفيتامينات في كل أنحاء الجس بكفاءة.

 

كما أنه مفيد لصحة القناة الهضمية ويقاوم البكتريا الضارة ويحسن كثيرا من حركة الأمعاء سواء خلال شهر رمضان أو بقية شهور السنة، مما يجعل الفرد يتمتع بصيام صحي دون عسر هضم ومشاكل متعددة.

 

2. الحفاظ على صحة العينين:

في الصيام يزيد جفاف الجسم وبالتالي يمكن أن تتعرض العيني إلى بعض المتاعب نتيجة عدم توافر كمية كافية من الماء، لكن مع عصير قمر الدين فإن العين تحافظ على رطوبتها، كما أن المشمش نفسه يقي العين من مخاطر الجلوكوما وإعتام عدسة العين وتنكس العضلات.

 

كما يعمل على تقوية النظر، ومحتوى عصير قمر الدين من الألياف يحافظ على رطوبة الجسم لأطول فترة ممكنة خلال الصيام مما يقي من جفاف العين والجسم عموما.

 

3. تقوية العظام:

يحتوي عصير قمر الدين على الكثير من المعادن التي تعمل على بناء وتقوية العظام مثل النحاس والمنجنيز والحديد والفوسفور والكالسيوم وغيرها، وتؤكد الكثير من الدراسات أن تناول عصير المشمش يمكن أن يحل الكثير من المشاكل المتعلقة بهشاشة العظام.

 

4. الحفاظ على صحة الجلد:

يعاني الكثير من الصائمين خلال شهر رمضان من جفاف الجلد نتيجة الامتناع عن الماء لفترة طويلة، لكن عصير قمر الدين يحول دون هذا الجفاف، إذ أنه يعزز كثيرا من مرونة الجلد بفضل فيتامين ج والذي يقاوم التجاعيد ويعمل على تحسين الحالة الصحية عموما ويجدد الخلايا التالفة ويجعلها ناعمة ورقيقة.

 

5. المحافظة على صحة القلب والأوعية الدموية:

يمكن عن طريق عصير قمر الدين الحفاظ كثيرا على صحة القلب من الاجهاد التأكسدي، حيث أنه غني للغاية بالكثير من مضادات الأكسدة، والتي تقلل من نسبة الكوليسترول في الدم وتقي من تصلب الشرايين.

 

يعمل على توسيع الأوعية الدموية مما يقلل من ضغط الدم ويحسن من تدفق الدم والأكسجين إلى المخ والقلب والأطراف بكفاءة مما يقي من السكتة القلبية والسكتة الدماغية ويمنع الإرهاق أثناء الصيام.

 

6. الوقاية من فقر الدم:

مع الصيام والامتناع عن الطعام أو تناول كميات قليلة منه يمكن أن يشعر الإنسان بالضعف والتعب والإرهاق، لكن تناول عصير قمر الدين في السحور يساعد على مد الجسم بالطاقة اللازمة والنشاط الكبير، حيث يزيد من مستوى الهيموجلوبين في الدم وبالتالي يعزز من إنتاج كرات الدم الحمراء والتني تنقل الأكسجين بشكل أكبر إلى الخلايا وتمنع الضعف والإرهاق وتحافظ على مستويات السكر طبيعية.

 

7. تدمير الخلايا السرطانية:

يحتوي عصير قمر الدين على كمية مضاعفة من الكاروتينات عن أي نوع آخر من العصير سواء المشمش أو الجزر أو أي فاكهة برتقالية اللون، فهو مركز للغاية بالفيتامينات والمعادن الضرورية لمكافحة السرطان والوقاية منه والمساهمة الكبير في علاجه، حيث يقلل عصير قمر الدين من الجذور الحرة التي تتراكم لتكون الخلايا السرطانية.

 

8. تعزيز الصحة النفسية:

بفضل الفوسفور والمغنسيوم فإن عصير قمر الدين قادر على تعديل المزاج وتحسين الحالة النفسية، كما أنه يضبط مستويات السكر في الدم، ومن المعروف أن ارتباك مستويات السكر تزيد من عصبية الشخص.

 

لذا فإن قمر الدين يساهم في الاستمتاع أكثر بالاجواء الرمضانية دون تذمر من الجوع أو العطش والغضب من أتفه الأسباب بحجة الصيام، كما أنه يساعد على زيادة التركيز مما يعين الشخص من أداء مهامه بكفاءة أثناء الصيام ونقص المغذيات، فالاستهلاك المنتظم له يحسن كثيرا من الذاكرة ويقي من الخرف ويزيد من إفراز هرمونات السعادة.

 

9. تغذية الأم الحامل:

الحمل مع الصيام يكون عبئا حقيقيا، حيث تحتاج المراة الحامل إلى سعرات حرارية أكثر من المعتاد، وفي الوقت نفسه لو أكلت كثيرا في الافطار أو السحور فإنها تصاب بالانتفاخ والإسهال والارتجاع المريئي وغيرها من أعراض مزعجة.

 

لكن عصير قمر الدين يقيها من كل تلك الأزمات، فبمجرد تناوله مع القليل من عسل النحل فإنه يمد جسمها بالكثير من المغذيات التي تمنحها القوة والطاقة طوال اليوم دون تعب أو إرهاق.

 

كما يمنع غثيان الصباح والذي قد يزيد من الألم خلال الصيام ويمكن أن يجبرها على الإفطار، كما أنه يعزز من صحة الجنين ويعمل على تقوية المناعة، لكن يجب أيضا استشارة الطبيب قبل تناوله وعدم الإفراط فيه خصوصا إذا كان قمر الدين جاهزا حيث سيحتوي في هذه الحالة على كمية كبيرة من السكر.

 

10. يساعد في علاج الحساسية والربو:

يمكن لعصير قمر الدين أن يحسن كثيرا من صحة الجهاز التنفسي، حيث يخفف من الضغط على الرئتين ويفتح الشعب الهوائية بفضل محتواه الكبير من فيتامين ج الذي يعتبر من مضادات الأكسدة القوية القادرة على مكافحة البكتريا والجراثيم والفيروسات الموجودة في الجو، كما يمكن أن يستهلكه الأطفال والكبار بأمان تام، ويمكن التحكم في كمية السكر إذا تمت صناعته منزليا.

 

المراجع:

1. Amira’s Pantry: QAMAR AL-DEEN (APRICOT JUICE); FAMOUS MIDDLE EASTERN DRINK
2. Wikipedia: Qamar al-Din
3. Natural Food Series: 11 Amazing Health Benefits of Apricot Juice