التفكير الايجابي

التفكير الايجابي ودوره في تقليل الضغوط وزيادة الطاقة والحفاظ على الصحة
التفكير الايجابي يبدو مصطلحا لامعا وجذابا من الناحية السطحية، لكن تنفيذه والالتزام به يصعب على الكثيرين في معظم الأحيان، إذ أنه لا يحمل سمات واضحة مثل مفاهيم أخلاقيات العمل مثلا أو المثابرة، وقد أكدت الكثير من الدراسات أن التفكير الايجابي أكثر بكثير من مجرد الشعور بالسعادة أو التعبير عن التفاؤل في موقف يبدو شديد السوء.
إذ يمكن للأفكار الإيجابية أن تساعد في منح حياتك قيمة حقيقية وتساعد على تنمية المهارات التي تدوم لفترة طويلة أكثر من مجرد ابتسامة. ويؤثر التفكير الايجابي بصورة جيدة على العمل والصحة والحياة، فما أهم فوائد التفكير الايجابي وكيف يمكننا الالتزام به في الحياة والعمل، هذا ما سنحاول معرفته معا.
كيف يمكن اتباع طريقة التفكير الايجابي
هناك عدد من الخطوات التي يمكن اتباعها بالتدريج أو بالتزامن مع بعضها البعض لتشجيع التفكير الايجابي لدى الشخص والتحول من اعتباره مفهوما غامضا إلى سلوك يسهل ممارسته يوميا، ومن أهم هذه الخطوات:
1. بدء اليوم بتأكيدات إيجابية:
إن بداية اليوم تحدد إلى حد كبير شكل نهايته، فإذا استيقظت في وقت متأخر وشعرت بالذعر وأن ستحصل على تأنيب المدير وأنه لن يكون يوميا جيدا، فهذا في الغالب سيكون سر تمضية يوم سيء بالفعل نتيجة بدئه بمشاعر سلبية ومتشائمة، فبدلا من ترك المشاعر السلبية تسيطر عليك حاول أن تتغلب على السلبيات في ذلك الموقف وتؤكد لنفسك أن اليوم سيمر على خير إن شاء الله.
حاول أن تهيئ نفسيا لعواقب التأخر سواء في النوم أو في الطريق حتى إذا تلقيت عتاب أو لوم تكون مهيئا له ولا يؤدي إلى السيطرة على أفكارك طوال اليوم، فإن رد فعلك على اللوم نتيجة ظروف تسببت أنت بها أو كانت خارجة عن إرادتك سيحدد بقية اليوم أيضا.
فإذا تقبلت ذلك بصدر رحب وإقرار بالذنب لن تكون هناك عواقب، أما إذا توترت بشدة فسيظهر ذلك على أنه رفض وستزيد العواقب سوءا، أي أن نتائج نفس الموقف الذي تتعرض له ستعتمد على تفكيرك أنت وليس على الموقف نفسه.
2. التركيز على الأشياء الجيدة مهما كانت بسيطة:
لا يوجد يوم مثالي ولكن لا يوجد أيضا موقف دون إيجابيات، لذا عندما تتعرض إلى زحام شديد مثلا فحاول تمضية الوقت في الاستماع إلى الموسيقى أو تطوير لغتك الأجنبية أو تلاوة الصلوات والأذكار الصباحية أو غيرها، وإذا تعرضت إلى مشكلة في العمل فاجعلها دافعا لك للمزيد من التغلب على المشكلات وتفادي الأخطاء التي سببت المشكلة من الأساس وهكذا.
3. تحويل الفشل إلى دروس مستفادة:
يمكن أن تبدو هذه الخطوة فضفاضة، لكن إذا أيقنت بينك وبين نفسك أنك لست مثاليا وقابل للدخول في تجارب فاشلة سواء في العمل أو الحياة فستتعامل مع كل فشل على أنه فرصة جديدة، فبدلا من التركيز على الطريقة التي فشلت بها فكر في ما الذي ستفعله في المرة المقبلة عند التعرض إلى نفس التجربة وستجد أنك اكتشفت قواعد جديدة.
4. تحويل الكلام السلبي عن النفس إلى إيجابي:
من خطوات التفكير الايجابي أيضا التوقف عن الحديث السلبي عن النفس، إذ أن هذه الأفكار السلبية تتسلل إلى الداخل بسهولة وسرعة يصعب ملاحظتها، وقد لا تهتم بتأثير الأفكار السلبية التي توجهها إلى نفسك لكنها سريعا ما تصبح مشاعر حقيقية تؤثر على حالتك النفسية وعلى طاقتك في العمل وفي الحياة.
فبدلا مثلا من أن تقول لنفسك أنك فاشل في العلاقات الرومانسية ولن تنجح أبدا ولابد أن تبقى وحيدا، حاول التفكير في أنك شخص له الكثير من المزايا والتي تستحق الحب والتقدير وأن الكثيرين يمكنهم أن يُقبلوا على العلاقة معك، أو حتى في الأمور العملية وهي ستكون أسهل، وقل لنفسك أنك ستصبح أفضل فيها مع التدريب والممارسة وهكذا.
5. التركيز على الحاضر من سمات التفكير الايجابي
الخوف من المستقبل يشلّ العقل ويجعل التمتع بأي إيجابيات في الحاضر شيء مستحيل، فهناك أشخاص لا يزعجهم الواقع الذي يعيشونه بقدر الانزعاج من الفشل في المستقبل، فمثلا عند تلقي اللوم من رئيسك ربما لا يزعجك اللوم نفسه بمقدار خوفك من اضطهاده لك في المستقبل مما يجعلك لا تركز في الكلمات التي يقولها وتخطئ من جديد وتتلقى اللوم مرة أخرى وهكذا.
حتى إذا كنت تعاني في الحاضر من حالة صحية خطرة فإن التركيز على أي إيجابيات سيمنحك القدرة على المقاومة والشفاء وهناك الكثير من التجارب العملية لمرضى السرطان والذين تجاهلوا المرض تماما مع محاولة علاجه بالطبع لكن عاشوا حياتهم بشكل طبيعي حتى تمام الشفاء.
6. الأصدقاء الإيجابيون
إن إحاطة نفسك بأشخاص متفاءلون حتى في أحلك الظروف ستؤدي إلى تهوين الواقع المرّ عليكم جميعا، لكن إذا كنت محاطا بأشخاص كثيري الشكوى من كل شيء سواء ارتفاع الأسعار وغياب الأدوية وعدم وجود فرص عمل وغيرها من سلبيات يمكن أن يواجهها الجميع فستجد نفسك متذمرا على الواقع على الدوام.
وفي الحقيقة فإن العثور على أشخاص إيجابيين أمر صعب للغاية، لذا يمكن البدء بشخص واحد فقط ومحاولة بذل الجهد معه ليكون تأثيرك عليه إيجابيا وهو بالتالي يؤثر عليك إيجابيا، فمثلا إذا لم تجدا فرصة عمل مناسبة لنوع التعليم فيمكن البدء بأي مهنة حتى تتحسن الأحوال وعدم إلقاء اللوم على الظروف بل السعي والأمل سيحطم نصف المشكلة.
أهم فوائد التفكير الايجابي
تتعدد فوائد التفكير الايجابي فعليا وليس نظريا، فيمكن لشخصين في نفس الظروف والاحوال أن يشعر أحدهما بالسعادة والرضا ويكون الآخر في سخط دائم، لذا من أهم فوائد التفكير الايجابي:
1. زيادة الدافعية:
إن الأفكار الإيجابية عن النفس والقدرات والمهارات ستزيد من الدافع غلى الإنجاز، فمثلا إذا قلت لنفسك إن هذه المهنة صعبة أو من المستحيل أن استطيع الالتزام بجدول ثابت فإنك لن تتمكن من هذا بالفعل، لكن إذا قررت أن الأمر قابل للمحاولة ويمكنك النجاح فيه ستزيد دوافعك وحوافزك لتحقيق النجاح بالفعل والذي سيزيد من سعادتك.
2. اختفاء المشاكل:
كل الناس تتمنى اختفاء المشاكل لكنها تتراكم نتيجة عدم القدرة على التعلم من المواقف السابقة، فالتفكير السلبي يعوق فرص التعلم، لكن إذا واجهتك مشكلة ارتفاع الأسعار مثلا فيمكن إما تعلم ضغط النفقات، أو تعلم زيادة مصادر الدخل، لكن الشكوى والتذمر لن يقود إلا إلى المزيد من الفشل.
3. تقدير أفضل للذات:
إن حديثك الإيجابي لنفسك وأن أحوالك افضل بكثير من غيرك ستزيد من تقديرك لنفسك ولن تكون موقف خامل أو غير نشط كما يعتقد الكثير من المتذمرين، لكن رضاءك عن واقعك سيدفعك على الأقل إلى الحفاظ عليه بالمزيد من العمل وبالتالي سيتحسن الواقع بالتدريج وتدرك قدرتك على تنفيذ أشياء لم تكن تتخيلها واكتشاف قدرات لم تعرفها.
4. التغلب على الاجهاد:
إن التفكير الايجابي يخلصك من القلق والاجهاد، حيث أن الافكار السلبية تقلل من القدرة على النوم وبالتالي تزيد من تشوش الفكر وحالة الاجهاد مما يؤدي إلى انعدام أي طاقة للإنجاز ومن ثم المزيد من الفشل، لكن إذا تعرضت مثلا لديْن كبير فإنه كفيل بجلب كل المشاعر والأفكار السيئة إلى رأسك.
لكن فكر في أن هذا الديْن نتيجة خطأ ارتكبته وأنك ستتعلم منه، أو أنه سيجعلك تبحث عن فرصة عمل أفضل لتبدع أكثر، أو سيجعلك تتحمل المسؤولية بعد ذلك أكثر، فتأكد من أن أي موقف في الحياة مهما بدا سيئا لابد أن يكون فيه شيء جيد، وعليك البحث عنه والتمسك به للخروج من الموقف السلبي.
5. التمتع بمستوى صحي أفضل:
إن التوتر والقلق يقتلان الإنسان ببطء وهو نتيجة منطقية لتراكم الأفكار السوداء، لكن عندما ينخفض التوتر بزيادة التفكير في الأشياء الإيجابية ستتمتع بصحة أفضل وبالتالي قدرة أكبر على الإنجاز وتغيير الواقع بالفعل.
6. تعلم التفكير الإبداعي:
إن الحاجة أمّ الاختراع، وهي حكمة قديمة وصحيحة 100%، فكلما تعرض الإنسان إلى موقف احتياج شديد زادت قدرته الإبداعية، في حين أن توافر كل الموارد والمتطلبات الحياتية تجعل الإنسان عقيما وبليد التفكير، وليست لديه أي رغبة أو دافع لتطوير قدراته.
فإنك إذا نشأت في مجتمع يوفر كل الحاجات والمتطلبات دون اجتهاد من الأشخاص فستنعدم لديك القدرة على تطوير ذاتك فتكون بلا هدف في الحياة وستشعر في النهاية بالإحباط ويمكن أن يؤدي الأمر إلى الانتحار في بعض المجتمعات.
لذا فإن شعورك بالحاجة لابد أن يدفعك إلى التفكير في الخروج من الأزمة وليست الشكوى والتذمر هي الوسيلة الأفضل بل البحث عن طريقة مبدعة تستطيع تنفيذها سيجعل الحياة أكثر إيجابية بكثير.
7. تحقيق المزيد من النجاح:
إن التفكير الايجابي لا يعني السلبية على الإطلاق، فإن رؤيتك للأشياء الإيجابية في الموقف الذي تتعرض له لا يجب أن تمنعك عن محاولة الخروج منه، فالإيجابية تختلف عن الاستسلام وهي أيضا لا تعني التذمر والشكوى، فكم من شخص لا يرضى عن الراتب الذي يتقاضاه عن عمله.
التفكير الايجابي هنا يحتم عليه أن يدرك أنه أفضل بكثير من شخص بلا عمل، لكن هذا يجب أن يدفعه إلى بذل جهد أكبر في العمل للحصول على مكافآت، وإذا لم يحصل عليها من العمل نفسه فإنها ستؤهله إلى عمل آخر بدخل أكبر وهكذا يتحقق النجاح مع السعي وليس السلبية.
8. الاحترام وزيادة التأثير في الآخرين:
الشخص الإيجابي ناجح غالبا، وعادة ما يكون قدوة للآخرين للاحتذاء به وتحقيق النجاح مثله، وهذا يزيد من احترامك لذاتك وبالتالي زيادة تقدير نفسك والشعور بالمزيد من السعادة، كما أن الإيجابية من الأمور المعدية، فإذا أشادت الأم مثلا بموقف إيجابي من أحد أبنائها ستجعل الآخرين يحاولة تقليده للحصول على الإشادة وهكذا.
9. زيادة الطاقة:
إن التفكير الإيجابي كما ذكرنا يقلل من الاجهاد وبالتالي يمنع تزايد هرمون الكورتيزول في الدم مما يُشعر الإنسان بالمزيد من الطاقة التي تساعده على تقديم إنجازات أكثر وأداء أنشطة أكبر.
فكلما ارتفعت مستويات الطاقة يمكن وقتها أن تبذل مجهودا أكبر في العمل ويكون لديك الوقت والقدرة لتكوين صداقات أو الاهتمام بالأسرة والعائلة، لكن إذا تكاتلت الأفكار السلبية عليم مثل عدم رضاءك عن شكلك أو عملك أو إنجازاتك فستأكلك هذه الأفكار بالمعنى الحرفي ولن تترك لك القدرة على تأدية أي شيء وتكون دمرت حياتك بالفعل.
وهذه فقط بعض الإيجابيات التي ستحصل عليها من التفكير الإيجابي، ولكن هناك قائمة كبيرة للغاية، فقط عليك التركيز على أهم شيء تريده في البداية وتحديد قدراتك وتحدي نفسك لتنفيذها، ومن ثم سيجعلك النجاح فيها قادرا على تحقيق المزيد من الإنجازات في مجالات الحياة الأخرى.
المراجع:
- Self Growth: Top 10 Benefits of a Positive Attitude
قد يهمك ايضا :
دعاء رمزي
الكاتبة دعاء رمزي حاصلة بكالوريوس إعلام قسم صحافة من جامعة القاهرة عام 2004, عملت في موقع بص وطل الإلكتروني ابتداء من عام 2005 إلى عام 2013 كمسؤولة رئيسية عن الباب الاجتماعي والعلاقات الزوجية، والرد على مشاكل القراء وترجمة مواضيع اجتماعية وطبيّة متخصصة ومحررة في أبواب السياسة والفن والأدب والتكنولوجيا.
كما وعملت مترجمة لمدة عام في مكتب نشر متخصص في الترجمة داخل جمهورية مصر العربية موحررة ومترجمة أخبار متنوعة بالمراسلة في موقع أكشنها السعودي من ينايرعام 2014 إلى أبريل 2015
وأضاف الى خبراتها العمل كمحررة ومترجمة بالمراسلة في موقع ياللابوك وفي موقع اليوم العربي من أكتوبر 2017 حتى ديسمبر 2017 ومحررة ديسك مركزي بالمراسلة في موقع "العرب اليوم" من أبريل 2015 وحتى فبراير 2018.
الآن تتفرغ دعاء رمزي بالعمل مع موقع موثّق لإنتاج المحتوى المعرفي المعمّق كمحترفة في مجال الترجمة الطبية والإجتماعية.




