كيفية التعامل مع اطفال التوحد في المدرسة

في ركن هادئ بعيد في الفصل، يجلس طفل صغير بنظرات مرتبكة وخائفة، قد تظنه في بادئ الأمر طفل جديد في الفصل ولم يتعرف على أصدقائه بعد، حتى يأتيك تقرير إدارة المدرسة بوجود طفل مصاب بالتوحد في فصلك، كيف ستتعامل مع الأمر؟

 

يعتبر التعامل مع اطفال التوحد في المدرسة تحديًا كبيرًا سواء بالنسبة للمعلمين المسئولين عن تعليم هؤلاء الأطفال والتفاهم مع احتياجاتهم الخاصة والمختلفة، أو لأولياء الأمور المطالب منهم الثقة في ترك أبناءهم بمفردهم وهم في أشد الحاجة إلى الرعاية.

 

لذلك وجب على المعلمين التعرف أولًا على مرض التوحد، وماهي اعراض التوحد لدى الاطفال، والطرق المناسبة للتعامل مع هؤلاء الأطفال، وتختلف شخصية الأطفال المصابين بالتوحد من طفل لآخر، ويجب على المدرس الخاص بهم معرفة تلك الشخصية وسماتها للتعامل معها,

 

ولكن هناك (صفات) تغلب على هذا المرض وهي:

 

1. الاعتماد على الذاكرة البصرية :

أغلب الأطفال المصابين بالتوحد يعتمدون على الذاكرة البصرية أكثر، وبالتالي يمكن استغلال تلك النقطة في التعامل مع اطفال التوحد عن طريق الصور والفيديو، فيمكن عند تعلم الطفل الاتجاهات أن يستخدم المعلم الألعاب، أو عند تعلم الأرقام استخدام المكعبات ليتعلم الطفل العد والحساب.

 

2. حبهم للرسم والكمبيوتر :

معظم المصابين بالتوحد يمتلكون مهارة الرسم والتعامل مع الكمبيوتر، وكل ما يتصل بالفنون، ولذلك يجب أن نحرص على تشجيع تلك المهارة لدى الطفل، وتمكينه من ممارستها باستمرار ضمن اساليب التعامل مع اطفال التوحد في المدرسة.

 

3. صعوبة التحكم في حركة اليد :

قد يعاني الطفل ذو التوحد من صعوبة في التحكم في حركة اليد أثناء الكتابة، مما يسبب له ارتباك وتوتر عند الكتابة، ولذلك من اساليب التعامل مع اطفال التوحد في المدرسة و حرصًا من المعلم لتسهيل تلك المهمة من الممكن أن يقوم الطالب باستخدام الكمبيوتر لطباعة الكلمات بدلًا من الكتابة بخط اليد.

(مقال متعلّق)  علاج التوحد

 

4. الأضواء العالية مربكة :

كثير من هؤلاء الأطفال تسبب لهم الأضواء توتر كبير، ولذلك من اسس التعامل مع اطفال التوحد في المدرسة و من الأفضل تغيير مكان جلوس التلميذ بعيدًا عن الأضواء العالية، بجلوسه بجوار النافذة، أو في مكان تصله إضاءة خافتة.

 

ولأن مرضى التوحد يصعب عليهم التواصل اجتماعيًا، ويصيبهم التواجد في مجتمع لابد فيه من الاختلاط بالتوتر والقلق والإحباط، ولأن الدراسات الحديثة أثبتت أهمية التفاعل الاجتماعي في المدرسة لتحسين المستوى الأكاديمي، حيث يؤثر قلة التواصل العاطفي والتفاعل الاجتماعي على التحصيل العلمي للطفل.

 

وجب على المدرس الخاص بالطفل المصاب بالتوحد أن يجد طريقة للتغلب على هذا التحدي، وعلى الرغم من أن كل طفل مصاب بالتوحد له طريقة خاصة به في التعامل، وكل طفل يستجيب بطريقة مختلفة.

 

كيفية التعامل مع اطفال التوحد في المدرسة

هناك بعض الاستراتيجيات القليلة التي يمكن تعميمها في التعامل مع اطفال التوحد في المدرسة، لتمكينه من النجاح في العملية التعليمية، وهذه الاستراتيجيات تتعامل مع شخصيات التوحد بما تتضمنه من اختلافات في الاتصال والتعامل الاجتماعي والسلوك.

 

أولًا:  الاستراتيجيات الخاصة بتسهيل عملية التواصل بين المدرس والطفل :

تلك بعض الاستراتيجيات التي يمكن أن يعتمدها المدرس لتسهيل توصيل المعلومات للأطفال المصابين بالتوحد، وبالتالي تسهيل عملية التعلم عليهم، وتكون بعدة خطوات هي:

 

1. افتراض أن جميع الأطفال مؤهلين :

لا يعني مرض التوحد عجز الطفل عن التعلم، حيث كل الأطفال المصابين بالتوحد لديهم القدرة على النجاح والتعلم، ولكنهم ببساطة يحتاجون إلى طريقة مناسبة تسهل عليهم استيعاب المعلومات، لذلك التعامل مع اطفال التوحد في المدرسة او في الصف يستوجب ان يتذكر الاستاذ دائمًا أن ذلك الطفل مختلف عن أقرانه في الفصل، لذلك لا تقييمه على نفس المبادئ والقواعد التي تفرضها على زملائه.

 

2. تحدث بدقة ووضوح :

من المهم عند التعامل مع مرضى التوحد أن يتم استخدام لغة بسيطة وواضحة ودقيقة، فهؤلاء الصغار لا يفهمون اللهجة الساخرة أو النكات، لذلك إذا أردت منهم فعل شئ فقط قل لهم ذلك مباشرة وبوضوح.

(مقال متعلّق)  اعراض التوحد (حسب عمر الطفل)

 

3. تجنب الجمل الطويلة :

بعض الأطفال المصابين بالتوحد يرتبكون عند التحدث معهم بجمل طويلة، ولا يفهمون ما المقصود، لذلك عند التحدث إليهم اترك لهم المجال ليفهموا كلامك بين كل جملة والأخرى، وإذا كان الطفل يجيد القراءة يمكنك كتابة المعلومات الموجهة له بخط كبير.

 

4. ضع روتين وقواعد ثابتة :

في الفصل وعند التعامل مع مرضى توحد يجب عليك أن تضع بعض القواعد حتى تسير الأمور على خير ما يرام، فيسهل على الطفل المصاب بالتوحد فهم القواعد والروتين اليومي والتعامل معه كما يجب.

 

ولكن في نفس الوقت يجب التسامح في التعامل مع الطفل المصاب بالتوحد إذا لم يلتزم بهذه القواعد، فمن ضمن القوانين التي تمس ذوي الاحتياجات الخاصة، حقهم في بيئة أقل تقييدًا في اتباع القواعد.

 

ثانيًا: مساعدتهم في التعامل الاجتماعي والسلوكي :

من المهم للطفل أن يتفاعل في محيطه الدراسي مع غيره من التلاميذ، بالإضافة إلى ضرورة تعلمه بعض السلوكيات لذلك ينصح الأطباء باعتماد تلك الطرق لمساعدة مرضى التوحد في التفاعل الاجتماعي في المدرسة، ومن الأنشطة التي تعين على ذلك:

 

1. تعرف على اهتماماتهم واستخدمها في تعليمهم :

إذا كان لديك في الفصل أحد مرضى التوحد حاول أن تعرف اهتمامه من والديه، ماذا يحب، أي الألعاب يفضلها، حتى يمكنك الاستفادة من جذب انتباهه بهذه الاهتمامات في الفصل، فمثلًا إذا كان الطفل يحب اللعب بالسيارات يمكن استخدام سيارات لعبة في تعليمه الجغرافيا وأماكن الدول على الخريطة.

 

2. استخدام القصص التعليمية :

إذا أردت للطفل أن يتعلم سلوك معين، أو أن يفهم مشاعر معينة لزملائه، فعليك بقراءة القصص الاجتماعية التعليمية لهم، فيمكن للطفل فهم مشاعر الحزن إذا قرأت له قصة عن طفل حزين يبكي، فبالتالي يربط الدموع والبكاء بالحزن، وكذلك إذا أردت تعليمه التعاون مع أصحابه في الفصل، فيمكن لقصة بسيطة بلغة واضحة ومحددة أن تعلمه ذلك السلوك.

 

(مقال متعلّق)  طيف التوحد

3. إشراكه في مسرحية لشخصين :

يمكن للأطفال المصابين بالتوحد فهم مشاعر الآخرين، ولكنهم قد لا يعرفون كيف يتم التعامل مع هذه المشاعر، فبالتالي عن طريق إشراكهم في عمل جماعي لشخصين وشرح موقف معين وكيفية التعامل معه في مسرحية صغيرة أن يفهم هذا الطفل كيف يتم التعامل في المواقف المختلفة، وإدماجه داخل المجتمع الموجود فيه.

 

4. تفهم مشاعره وتصرفاته :

إذا كان رد فعل الطفل غاضب أو غريب تجاه تصرف معين، كمحاولة عناقه، أو التربيت على كتفه، يجب تفهم أن مثل تلك التصرفات قد تكون مؤلمة بالنسبة له، وبالتالي لا يتم استخدامها تجاها، وإخبار زملائه بخصوصية زميلهم واختلافه وتفهم ذلك الاختلاف.

 

5. كن صبوراً :

يجب أن تتحلى بالصبر عند التعامل مع مرضى التوحد خاصة الأطفال، فإذا لم يتفهم الطفل ما تريد أن تقوله، يمكنك إعادته عليه مرة أخرى بلغة بسيطة يفهمها مباشرة، بالإضافة إلى أهمية عدم رد التعامل العدواني من الطفل بعنف، لأن قد يكون هذا التعامل ناتج عن شئ يتعبه ولكن لا يعرف أن يعبر عنه إلا بالتصرف العدواني، لذلك كن صبور في التعامل والحكم عليه.

 

وكما يقول الشاعر أحمد شوقي (كاد المعلم أن يكون رسولًا)، فالتعليم رسالة مهمة وسامية، والمعلم هو القادر على تغيير العالم بتغيير تفكير طفل وتعليمه سلوك صحيح، لذلك لكي تكون رسالتك كاملة، تعامل بصبر وحكمة مع الأطفال المختلفين في الفصل، ومنهم مرضى التوحد، ولذلك يجب على المعلم الذي يواجه ذلك التحدي في التعامل مع اطفال التوحد في الفصل أن يثقف نفسه عن هذا المرض وكيفية التعامل معه، حتى يستطيع أن يبني جيل سليم.

 

المراجع:

  1. the conversation: Supporting students with autism in the classroom: what teachers need to know
  2. wikihow: How to Teach Autistic Children
  3. INDIANA UNIVERSITY BLOOMINGTON: Teaching Tips for Children and Adults with Autism