علامات التوحد

أهم علامات التوحد وتأثيرها على المصاب وعلى المحيطين به
تتعدد علامات التوحد سواء في الرضع أو الأطفال الأكبر سنا أو حتى البالغين، وكلما تم التنبه إلى تلك الأعراض مبكرا كلما كان علاجها والتعامل معها أسهل بمراحل كثيرة، وتعتبر السنوات الأولى من حياة الطفل هي فترة النمو الجسدي والمعرفي والاجتماعي المتزايد.
هي تعتبر من الأوقات الممتعة أيضا في حياة الآباء، إلا أنه يجب عليهم مراقبة أي علامات مبكرة لوجود مشاكل في النمو بما فيها التوحد، وأيضا الاضطرابات الأخرى التي تؤثر على الدماغ ويمكن أن تؤدي إلى مشاكل في التفكير والتواصل والتنشئة الاجتماعية.
وينتشر مرض التوحد على مستوى العالم ويعاني منه طفل من كل 70 طفل تقريبا، ويزيد هذا الاضطراب في الأولاد مقارنة بالفتيات ويُطلق عليه “اضطراب الطيف” حيث أن يضم أيضا عدد من الحالات النفسية والعقلية الأخرى المتصلة به والتي تتراوح في شدتها بين المعتدلة إلى الحادة.
ما هو التوحد؟
التوحد يعتبر من الإعاقات الذهنية التي تشمل الكثير من الأعراض المتشابكة مع أمراض نفسية أخرى وتتسبب في تأخير مجالات النمو والتطور الأساسية مثل تعلم التحدث واللعب والتفاعل مع الآخرين.
تختلف علامات التوحد وهي متسعة للغاية بشكل يمكن أن يزيد من صعوبة تشخيصه في وقت مبكر، وعادة يكون لدى طفل التوحد مشكلة في واحد أو أكثر من المجالات التالية:
-
التواصل عموما سواء اللفظي أو غير اللفظي.
-
التعلق بالآخرين وبالعالم من حوله سواء في صورة تعلق شديد أو نفور شديد.
-
صعوبات التفكير والتصرف بمرونة.
ومع تعدد علامات التوحد إلا أن جميع أطباء الأطفال والأخصائيين النفسيي اتفقوا على أن الاكتشاف المبكر للأعراض يساعد كثيرا في الشفاء والتأقلم وتجنب تطور الحالة.
وحتى وقت قريب اعتقد العلماء أن التوحد يكون نتيجة أمراض وراثية، لكن أثبتت الدراسات أن بعض العوامل البيئية خصوصا في بيئة الرحم يمكن أن تساهم في الإصابة به مثل أن تتناول الأم مضادات الاكتئاب خصوصا خلال أول 3 أشهر من الحمل، ونقص التغذية عموما وحمض الفوليك خصوصا.
كما يتدخل عمر الأم والأب في مدى كفاءة الجهاز العصبي للطفل، ويمكن لإصابة الأم بعدوى أثناء الحمل أو عند الولادة أن تعرِّض الطفل إلى خطر التوحد، كما أن التعرض إلى الملوثات الكيميائية والمعادن والمبيدات الحشرية يمكن أن يزيد من خطورة الحالة.
ما هي أهم علامات التوحد وكيف يمكن اكتشافها مبكرا؟
عادة تظهر علامات التوحد المبكرة قبل بلوغ الطفل الثالثة من العمر، ويمكن أن تبدأ لدى بعد الاطفال من عمر 12 شهرا، في حين أن بعض الأطفال الآخرين لا يتم تشخيص إصابتهم بالتوحد إلا في الصف الثاني أو الثالث الدراسي أي يكون الطفل بلغ 7 أو 8 أعوام.
هذا لا يعني أنه لم يكن يعاني من علامات مبكرة، لكن كانت لديه بالطبع لكن دون تنبه من الأبوين أو سرعة التعامل مع تلك الأعراض مبكرا وهي تحدث مع مرور الوقت وليس فجأة، ولتشخيص التوحد لابد من رؤية أكثر من علامة من هذه العلامات ولا تعني واحدة فقط أن الطفل مصاب بالمرض، ومن أهم علامات التوحد:
1. ضعف أو انعدام الاتصال بالعين:
يعتبر التهرب من الاتصال بالعين أحد أهم علامات التوحد وفقا لأطباء علم نفس الأطفال، حيث أن الطفل الطبيعي يميل إلى تثبيت عينيه على جميع من حوله سواء من أحبائه أو حتى الغرباء، لكن الطفل المصاب بالتوحد يتجنب تماما أي اتصال بالعين ولا ينظر مباشرة إلى والديه أو حتى إذا فعل ذلك يتم بشكل عابر وغير متسق وغير متعمد على الإطلاق وإذا التقت عينيه بعني والدته فإنه سريعا ما يتهرب منها.
مع تقدم الحالة لا يكون هناك أي اتصال بالعين على الإطلاق وتجنب تام لهذا الاتصال، وفي حين أن الأبوين يمكنهما تفسير هذا السلوك بأنه خجل، إلا أنه أيضا يمكن أن يشير إلى التوحد ولكن ليس تجنب الاتصال بمفرده أيضا يدل دلالة واضحة على التوحد.
لكنه مع علامتين أو ثلاثة آخرين من العلامات التالية يمكن أن يدل على وجود خلل في الدماغ، وهذا ينطبق أيضا على كل العلامات التالية، فلا تكفي واحدة منها لتشخيص الطفل على أنه مصاب بالتوحد.
2. الرفرفة بالأيدي والإيماءات المتكررة:
يؤكد علماء طب نفس الأطفال أن الإيماءات المتكررة بشكل مبالغ فيه وليس لعدد قليل من المرات علامة أيضا يجب على الأبوين ملاحظتها ومتابعتها إذا لاحظاها على الطفل، حيث أن الرفرفة باليدين وتكرار إيماءة أو إشارة معينة خصوصا عند الحماس الزائد يمكن أن يُشير إلى التوحد.
3. الثرثرة الزائدة وتكرار العبارات:
جميع الىباء يشعرون ان الأطفال كائنات ثرثارة، خصوصا إذا كانا منهمكين في العمل، لكن تكرار نفس العبارات بصورة مبالغ فيها لأكثر من 20 أو 30 مرة بشكل أقرب إلى البرمجة أو إلى جهاز تسجيل تعرض إلى العطب فهذا أيضا من علامات التوحد الممكنة.
لكن لا يكون كل تكرار لأغنية أو دعابة أو جملة عبارة عن إصابة الطفل بهذا المرض، خصوصا كما ذكرنا أن الاطفال عموما يميلون إلى التكرار، لكن إذا شك أحد الأبوين أو كلاهما في الإفراط في تكرار عبارة ما فيجب استشارة الطبيب وهو الذي سيحدد هل هذا توحد أم لا.
4. النفور الحسي الشديد من علامات التوحد:
التوحد يزيد من حساسية كل حواس الطفل ويجعل كل صوت صغير ضخم جدا بالنسبة له واللمسة الصغيرة يمكن أن تكون بمثابة ضربة كبيرة والرائحة الناعمة يمكن أن تكون شديدة للغاية على أنفه، لذا لا يحب طفل التوحد أن يتم احتضانه.
كما ان الأصوات اليومية مثل مضغ الطعام وغسل الأسنان وغيرها تكون غاية في الازعاج بالنسبة له مما يجعله دائما عصبي المزاج، ويمكن لصوت المكنسة الكهربائية أن يتسبب له في حالة هياج شديدة فيضع يديه على أذنيه ويبدأ في البكاء.
كما يكون حساس جدا للضوء الساطع، وهذه العلامة يسهل ملاحظتها والحكم عليها من قبل الابوين خصوصا إذا كانت في كل الحواس أو حاستين أو ثلاثة، فإذا كانت في حاسة السمع فقط مثلا يمكن أن تشير إلى التهاب في الأذن أو في الأنف، لكن في أكثر من حاسة هنا ندق ناقوس الخطر.
5. فحص اللعب بدلا من اللعب بها:
جميع الأطفال يحبون أن يفحصوا اللعبة التي يلعبون بها سواء قبل مرحلة اللعب أو بعد اللعب بها بقليل ليكتشفوا طريقة عملها وما الأصوات التي تصدر منها ويمكن أن يُخربوها لإرضاء فضولهم، لكن الطفل المصاب بالتوحد لا ينتقل إطلاقا إلى مرحلة اللعب باللعبة.
بل يتوقف كل تعامله معها على الفحص والتدقيق ومحاولة فكها وتركيبها، فمثلا الطفل العادي سيمسك بالسيارة ويجرب بها على الأرض أو يُمسك الطائرة ويدور بها في الهواء، لكن طفل التوحد سيظل ينظر إلى الإطارات ويحاول تدويرها وينظر إلى المسامير ويحاول فكها، فهو لا يُدرك معنى الشيء الكُلي، ويهتم كثيرا بالتفاصيل عن الصورة الكبيرة أو الشاملة لأي شيء.
6. الرغبة في اللعب بشكل منفرد:
بعض الأطفال يمكن أن يمنعهم الخجل من المبادرة والتواصل مع الأطفال الآخرين، إلا أنهم لن يمتنعون أبدا إذا ما بادر أحدهم للعب معهم، وهذا ليس حال طفل التوحد، إذ من علامات التوحد ميل الطفل الشديد للعب بمفرده، ويكون مهتما للغاية بأنشطته الخاصة.
إذا حاول أحد الأطفال اللعب معه فإنه يواجه مشكلة كبيرة في التفاعل، وهذا النوع من السلوك ليس شائعا للغاية في الاعمار الصغرى من الإصابة بالتوحد، وربما يكون أكثر وضوحا في عمر 8 أو 9 سنوات، لكن المؤشرات الأولى على عدم المبادرة في اللعب مع الآخرين يمكن أن تدل على الإصابة بالتوحد.
7. عدم استخدام التظاهر في اللعب:
إن الإمساك بجهاز التحكم عن بعد واستخدامه كأنه هاتف اتضح أنه من علامات السلامة النفسية للطفل، فالطفل المصاب بالتوحد لا يتظاهر أبدا بأن الريموت كنترول هو هاتف أو أن الأريكة عبارة عن شاحنة، وهي من علامات تطور الطفل منذ بلوغه الشهر الـ18، فإذا لم يتظاهر الطفل أبدا بأن إحدى الألعاب أو الأشياء هي أشياء أخرى فهذا من مظاهر التوحد.
8. استحواذ الأفكار:
وهي تظهر أيضا لدى الأطفال الأكبر سنا، حيث لا يتحدثون مطلقا إلا في موضوع واحد مثل مبارايات كرة القدم أو الطقس، ولا يُثير اهتمامهم أي شيء آخر على الإطلاق.
9. عدم الاستجابة لاسمه:
عند وصول الطفل إلى عمر 12 شهرا عادة ما يبدأ في الاستجابة إذا ما نادى أي شخص اسمه أو لقب التدليل، ولكن طفل التوحد لا يستجيب لاسمه حتى لو تم النداء عليه مرات عدة ويبدو دائما أنه لا يفهم التعليمات البسيطة للغاية، أو يصارع لاتباع الأوامر.
10. السلوك النمطي:
لا يتمتع الطفل المصاب بالتوحد بأي قدر من المرونة، فيحب دائما أن يحتفظ بنفس اللعبة ويسير في نفس الطريق إلى المدرسة ويجلس في نفس مكان تناول الطعام، ويتعلق بعادات ثابتة يرفض تغييرها على الإطلاق ولو حتى مكان الوسادة الخاصة به أو شكل صف السيارات التي يملكها فيقضي ساعات في وضعها في ترتيب معين ويثور بشدة في حالة تغيره.
هذه العلامة تقترب من علامات الوسواس القهري، فكما ذكرنا أن علامات التوحد تشمل التداخل مع الكثير من الأمراض النفسية والعصبية الأخرى.
11. فقدان القدرة على التعبير الشفوي:
وهي يمكن أيضا أن تكون من العلامات المتأخرة لمرض التوحد، إذ أن استخدام الأطفال للغة السليمة الواضحة لا يتم عادة قبل عمر 4 أو 5 سنوات، وقبل هذا حتى الطفل الطبيعي يتكلم كلمات أو جمل غير واضحة.
لكن إذا استمرت الصعوبات اللغوية حتى عمر الخامسة أو السادسة فهذا قد يُشير إلى مرض التوحد خصوصا إذا تزامن مع عرض أو أعراض أخرى، كما لا يستخدم طفل التوحد أي إشارات فلا يُشير إلى طائر ويُقلده مثلا أو يوجه أبويه إلى النظر إلى قطة راغبا في معرفة اسمها، كما لا يستجيب إلى الإشارات أيضا.
وعلامات التوحد يمكن أن تختلف من عُمر إلى آخر، حيث يمكن لطفل التوحد أن يكون ذو سلوط نموذجي بالنسبة لباقي الأطفال حتى بلوغ عامين من العمر، ثم تتطور لديه الحالة ببطء، ويمكن لعرَض واحد أو علامة واحدة أن تكون هي الأقوى وخصوصا في حالة التواصل الاجتماعي.
لذا إذا لاحظت علامتين أو أكثر من العلامات السابقة على الطفل فيجب إجراء التشخيص لدى الطبيب فورا حتى يستطيع اكتشاف المزيد من العلامات إن وجدت والبدء في العلاج مبكرا، أو طمأنتك على حالة الطفل وأن ما لديه ليس توحد مع وصف طرق العناية بالطفل جيدا.
مع ضرورة الثقة في غريزتك وعدم مراقبة تأخر التطور لفترة كبيرة، وأيضا عدم إهمال أي مظهر للتأخر العقلي أو الجسدي فسواء كان التوحد أو غيره فإنه كلما كان التشخيص مبكرا كلما كان الشفاء مضمونا أكثر.
المراجع:
- Prevention: 12 Autism Symptoms To Bring Up With Your Pediatrician
- Help Guide: Does My Child Have Autism
دعاء رمزي
الكاتبة دعاء رمزي حاصلة بكالوريوس إعلام قسم صحافة من جامعة القاهرة عام 2004, عملت في موقع بص وطل الإلكتروني ابتداء من عام 2005 إلى عام 2013 كمسؤولة رئيسية عن الباب الاجتماعي والعلاقات الزوجية، والرد على مشاكل القراء وترجمة مواضيع اجتماعية وطبيّة متخصصة ومحررة في أبواب السياسة والفن والأدب والتكنولوجيا.
كما وعملت مترجمة لمدة عام في مكتب نشر متخصص في الترجمة داخل جمهورية مصر العربية موحررة ومترجمة أخبار متنوعة بالمراسلة في موقع أكشنها السعودي من ينايرعام 2014 إلى أبريل 2015
وأضاف الى خبراتها العمل كمحررة ومترجمة بالمراسلة في موقع ياللابوك وفي موقع اليوم العربي من أكتوبر 2017 حتى ديسمبر 2017 ومحررة ديسك مركزي بالمراسلة في موقع "العرب اليوم" من أبريل 2015 وحتى فبراير 2018.
الآن تتفرغ دعاء رمزي بالعمل مع موقع موثّق لإنتاج المحتوى المعرفي المعمّق كمحترفة في مجال الترجمة الطبية والإجتماعية.