تعليم الصلاة للاطفال

يعتبر تعليم الصلاة للاطفال من التحديات التي تواجه كل مسلم يحرص على اتباع تعاليم دينه، تنفيذا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع).

 

تعليم الصلاة للاطفال بخطوات سهلة وبسيطة دون تخويف

ويفسر الكثير من العلماء الحديث (السابق) بأن معناه أن يكون أمر الأبناء بالصلاة عند بلوغ السبع سنوات، وهذا يعني بالضرورة بدء تعليمهم في سن أصغر من هذا بكثير، بحيث يستطيعون تأديتها بإتقان عند بلوغ السبع سنوات، ومن خطوات تعليم الصلاة للاطفال :

 

1. القدوة والمثال :

أول خطوة في تعليم الاطفال الصلاة هي القدوة، حيث يحب الأطفال تقليد الوالدين في كل شيء، لذا على الأب والأم أن يكونا ملتزمين بالصلاة في موعدها، وتأجيل أي شيء في أيديهما للذهاب إلى الصلاة، وإذا أراد الصغير اللعب أو الحديث مع الأب فعليه الاعتذار بأنه على موعد مع الله عز وجل، ويبدأ في الصلاة أمامه بخشوع، حتى يستطيع الطفل المراقبة الجيدة.

 

حتى إذا بلغ سن الخمس سنوات يمكن أن يقف إلى جوار أبيه لتقليد حركات الركوع والسجود، وربما يهمهم بسورة الفاتحة، بحيث قبل أن يبلغ السابعة يكون حفظ أوقات الركوع والسجود ومواعيد قراءة السور القصيرة، وبمجرد أن يؤدي الفرض الأول له بشكل صحيح على الأب والأم التشجيع بمكافأة كبيرة، بحيث يحدث اتصال بين الصلاة والمكافأة، ويدرك معنى الجنة والثواب في الآخرة عند الوصول إلى سن البلوغ.

 

2. الحديث عن الله عز وجل لأجل تعليم الصلاة للاطفال :

عندما يذهب الأب إلى الصلاة أمام الطفل فعليه أن يقول له أن ذاهب للحديث مع الله عز وجل، وبالطبع سيسأل الطفل أين الله، وهنا على الأب تقريب الأمور الروحية إلى الطفل بأشياء حسية يدركها عقله الصغير، كأن يؤكد له أن الله عز وجل هو ما منحنا العينين واليدين، وحتى الحلوى التي يحبها الطفل.

 

حتى يدرك الطفل أن الله تعالى هو مصدر كل شيء جميل في حياته فيحب هو أيضا الحديث معه عز وجل، فلا يجب الاكتفاء بالمعاني الروحية التي لن يدركها الطفل عادة، بل ربط الصلاة في البداية بأشياء حسية يحبها الطفل، دون الخوف من تحول الاهتمام إلى تلك الأشياء الحسية، حيث أن لكل سن طريقة في التعليم يجب أن ينتبه لها الأبوين.

 

3. الحرص على أن يكون النبي هو البطل أمام الطفل :

يمكن البدء في رواية قصة مولد الرسول عليه الصلاة والسلام للطفل في سن الرابعة، وحتى لو لم يفهم الكثير منها، لكن قدرته على التخيل، وذكر اسم سيدنا محمد أمامه، ومحاولة التركيز على الأفعال الحسية في القصة، مثل تكسير الأصنام، والحرص على ذكر اسم النبي صلى الله عليه وسلم في الروتين اليومي العادي.

(مقال متعلّق)  طريقة تعليم الانجليزي للاطفال

 

فإذا منحت طفلك قُبلة تقول له أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يحب الأطفال، وإذا منحته حلوى أو لعبت معه، تذكر له موقف من مواقف الرسول الإنسانية، بحيث إذا سألك عن السبب في الصلاة تقول له أنك تقتدي بالرسول محمد، فترتبط الصلاة في ذهنه بكل الأشياء الإيجابية التي يحبها، وعندما يكبر قليلا ويفهم سيبدأ في البحث عن مواقف الرسول بمفرده ويحاول اتباعها.

 

4. البدء في سن صغير :

كما أشرنا إلى حديث الرسول عليه الصلاة والسلام في حث الأطفال على الصلاة في سبع سنوات، إلا أن تعليمهم يمكن أن يبدأ في سن الـ3 أو الـ4 سنوات، حيث يمكن البدء في تحفيظ الطفل سورة الفاتحة، مع الصمد والناس، والتلاوة بصوت مرتفع أثناء الصلاة، حتى يتعلم أن هذه السور تقال في هذا الوقت.

 

كما يمكن أن يشاركه في الوضوء حتى يتعلم الطفل أن الوضوء مرتبط بالصلاة، فلا يجب إغلاق الباب أمام الطفل أثناء الوضوء، مع عدم توبيخه إذا غسل الرأس قبل الذراعين مثلا، بل يجب تشجيعه على حركات الوضوء بأقل قدر من التأنيب.

 

5. الصور المرئية :

بالإضافة إلى الأم والأب كنموذج مرئي، يحب الأطفال الصور الملونة، ويمكن أن تشجعهم على الصلاة من خلال وضع صور ملونة لطفل يصلي ويسجد ويركع، كما يمكن تعليق شجرة الصلاة، بحيث يلون الطفل أوراقها وفقا لحفاظه على الصلاة، وهذا بالطبع بعد البدء في حث الطفل على الصلاة.

 

بحيث إذا صلى الوقت في موعده يلون الورقة بالأخضر، وإذا صلاها متأخرا يلون الورقة بالبرتقالي مثلا، أما إذا فاتته فيلونها بالأحمر، ووفقا لعدد الورقات الخضراء تتم مكافأة الطفل، حيث أن الأطفال لن يفهموا سريعا معنى الثواب في الآخرة، فيجب أن تكون المكافأة فورية حتى تصير الصلاة عادة، ويبدأ الأب في تعليمهم بلطف معنى الثواب في الآخرة.

 

6. امتلاك المصلاة الخاصة بهم :

يمكن تشجيع الطفل على الصلاة بأن يكون لديه مصلاة ملونة وجميلة بأشكال يحبها بحيث يضعها إلى جوار والديه أثناء الصلاة، وتشجيعه دائما على أن يجعلها نظيفة، وإذا كان هناك مكان مخصص للصلاة في المنزل فعليهم تعليم الطفل أهمية هذا المكان وعدم قبول أي لعب فيه أو تلويثه بأي شكل.

 

7. حفلة الصلاة :

بمجرد أن يبلغ الطفل السبع سنوات، وفي حفل عيد ميلاده يمكن مفاجته بدعوة كل أصدقائه، سواء لمظاهر عيد الميلاد التقليدية أو للصلاة في جماعة مع أصدقائه جميعا، ليدرك أهمية هذه المرحلة في حياته، حيث أن تعليم الصلاة للاطفال يتطلب المشاركة مع أقرانهم أيضا، وكلما زادت المشاركة وزاد التنافس بينهم كلما كانت النتيجة قوية إن شاء الله.

 

8. الحزم لأجل تعليم الصلاة للاطفال :

على الرغم من كل خطوات تعليم الصلاة للاطفال دون توبيخ حتى يحبونها ولا يكون الأمر تخويفا لهم، إلا أنه سيأتي وقت يتكاسل فيه الأطفال عن الصلاة سواء لألعاب الفيديو أو الرغبة في اللعب مع الأصدقاء أو شيء من الملهيات في العصر الحديث، وهنا على الأبوين أن يكونا حازمين ومتسقين مع بعضهما البعض.

(مقال متعلّق)  واجبات الطفل

 

فمثلا لا يوبخ الأب الطفل على ترك الصلاة وتأتي الأم لتبرر له الأمر أو تطلب من الوالد ترك الصغير على راحته، أو العكس، فموعد الصلاة يجب أن يكون مقدسا، وأن يترك الطفل مذاكرته أو ما يقوم به لأجل موعده مع الله عز وجل، وهذا بالطبع بعد بلوغ سن العاشرة.

 

9. عدم المبالغة في التوقعات :

لا يجب على الأبوين المبالغة في التوقعات من الطفل ودرجة استجابته لحب الصلاة، حتى لا يتسبب ذلك في زيادة غضبهم منه، فمنذ سن السادسة مثلا يمكن تشجيع الطفل على الصلاة مع الأبوين، وإذا رفض في مرة فلا داعي للغضب.

 

لكن إذا وافق فهنا يجب الإشادة به بشدة، والحديث بإيجابية عنه أمام الأصدقاء والغرباء، حتى يشعر الطفل بأهمية ما فعله، وحتى بعد السابعة، فإن التزام الطفل بـ3 صلوات مثلا والتكاسل عن اثنين، لا يجب أن يسبب غضب الأبوين، بل محاولة تنبيهه بلطف.

 

10. زيادة الأوقات العائلية مع الصلاة :

مع ظروف عمل الأب والأم وانشغالهما يمكن أن تقل الأوقات التي يقضونها مع الأطفال، لكن يجب تخصيص وقت لكل صلاة مع الأطفال، وأن يكون الأب هو الإمام، ويمكن السماح للطفل الصغير بالجلوس إلى جانبه، لكن بمجرد أن يكبر قليلا ويصير في السادسة يجب تنبيهه إلى طريقة الوقوف الصحيحة أثناء صلاة الجماعة، وهذا النشاط العائلي سيكون موضع ترحيب كبير من الطفل الذي يرغب في الجلوس مع أبويه طول الوقت.

 

11. الذهاب إلى المسجد :

يحب الأطفال مشاركة الأب والأم في كل الأنشطة، ويمكن للذهاب إلى المسجد أن يكون نشاطا ترفيهيا للطفل بعيدا عن المنازل الضيقة، خصوصا إذا كان هناك جيران يصطحبون أطفالهم معهم، فيكون المسجد فرصة للتعارف واللعب مع أطفال آخرين، مما يشجعه على حب الصلاة.

 

مصاعب أمام تعليم الصلاة للاطفال : 

تعليم الصلاة للاطفال يواجهه الكثير من المصاعب، بدايتها غموض مفهوم الصلاة، وعدم استيعاب الطفل لمعاني ضخمة مثل الألوهية والعبودية وغيرها، لذا يجب معرفتها ومحاولة التغلب عليها، ومن أهم عوائق تعليم الصلاة للاطفال :

 

1. مفهوم الإلزام :

يصعب على الطفل فهم سر الإلزام في الصلاة، وسر ضرورة تأديتها 5 مرات، لذا يجب استخدام عبارات بسيطة، مثل حتى يحبنا الله، أو حتى لا يغضب منا الله، أو حتى نشكر الله عز وجل على نعمه ونحاول تحديد تلك النعم بأشياء مرئية للطفل ويحبها.

 

2. الاعتياد على الوضوء قبل الصلاة :

يمكن أن يرفض الطفل الصغير تأدية الوضوء وغسل وجهه لرفضه الماء أو دخول الصابون في عينيه أو غيرها من أسباب، لذا أثناء تعليم الطفل الصلاة يمكن أن يتجاهل الأب الإصرار على الوضوء، حيث أن الإصرار يمكن أن يزيد من نفور الطفل، كما يمكن استخدام الماء الفاتر حتى لا ينفر الطفل من الوضوء.

(مقال متعلّق)  تعليم الاطفال الالوان والاشكال

 

3. غموض مفهوم الصلاة :

حتى يعرف الطفل سر الصلاة يجب تعويده من صغره على قول كلمة شكرا، وهذا يأتي أيضا بالتقليد، فإذا أحضر الطفل شيئا لوالديه أو ساعدهما في شيء عليهما قول كلمة شكرا باستمرار، حتى عندما يكبر يعرف معنى الشكر، ونبدأ تعليمه أن الصلاة هي بمثابة كلمة شكرا إلى الله على نعمه الكثيرة، فيفهم السر فيها ويبدأ ارتباطه بها روحيا وليس بالأشياء الحسية فقط.

 

4. مفهوم الجنة والنار :

يمكن أن يصعب شرح عقوبة الصلاة بالجنة والنار للطفل، لذا يمكن تقريبها له بالأشياء التي يراها، مثل أن النار ساخنة جدا مثل كوب الشاي الساخن، وأن الجنة تشبه الحديقة الجميلة التي يحب اللعب فيها، وأنه إذا صلى سيكون في هذه الحديقة على الدوام، أي تقريب الأمر له وفقا لعمره وفهمه.

 

5. صلاة الفجر :

من أهم عوائق تعليم الصلاة للاطفال ضرورة استيقاظهم في وقت مبكر لأداء صلاة الفجر، لذا يجب على الأبوين محاولة وضع الطفل في السرير مبكرا حتى يستيقظ بمفرده على صلاة الفجر أو قبل شروق الشمس، إذ أن إيقاظ الطفل وحثه على الصلاة لن يكون سهلا بالتأكيد.

 

ويجب على الأبوين أن يعرفا أن الطفل لن يُحاسب على ترك الصلاة إلا بعد البلوغ، وعليهما بذل كل ما يمكنهما لتعليمه الصلاة قبل البلوغ حتى يكون اعتادها تماما وأصبحت جزءا من روتينه اليومي عند البلوغ، مع عدم الاستمرار في ضربه على الصلاة إلى ما لا نهاية، حيث أن الضرب الذي أوصى به الرسول هو الضرب الخفيف.

 

ونعيد التنبيه إلى أن القدوة الحسنة في كل شيء هي مفتاح تعليم الأطفال ما نرغب فيه، فإذا التزم الأبوين بالصلاة والمعاملة الحسنة مع الطفل سيقلدهما على الفور في أي فعل، حيث أنه قبل السابعة يمكن تشجيع الأطفال على أي سلوك بالحب والثناء والتشجيع، وهذا ما يجب أن يحرص عليه الأبوين أثناء تعليم الصلاة للاطفال ايضاً.

 

المراجع:

  1. Islam Web: Our Children and Prayer – I
  2. About Islam: 10 Ways to Get Your Kids Love Prayer
  3. Belife Net: ABC Prayer for Children