الغرغرينا

الغرغرينا
الغرغرينا

عادة ما يصاب معظم الناس بالأمراض الشائعة والتي نعرف عنها الكثير من المعلومات، مما يجعلنا متفهمين لأسباب المرض وأعراضه وطرق علاجه، ولكن بعض الأمراض الغريبة والنادرة قد تجعلنا نقع في حيرة كبيرة عندما نجد أنفسنا لا نعرف كيفية التصرف الصحيح مع المرض أو أعراضه ولا المضاعفات المحتملة له.

 

لذلك سنعرض عليك اليوم واحد من الأمراض سيئة السمعة والتي مجرد ذكر اسمها يشعرنا جميعا بالخوف والقلق الشديد، وهو مرض الغرغرينا لتتعلم كيفية وقاية نفسك من الإصابة به وكيفية اكتشافه في مرحلة مبكرة لتجنب مضاعفاته الخطيرة والتي قد تؤدي للموت.

 

ما هي الغرغرينا؟

الغرغرينا هي حالة مرضية خطيرة يحدث فيها موت لخلايا وأنسجة جزء من الجسم نتيجة توقف إمداد هذه الأنسجة بالدم والأكسوجين، والذي يحدث نتيجة الإصابة بمرض أو جرح أو عدوى.

 

غالبا ما تحدث الغرغرينا في الأطراف مثل أصابع القدمين واليدين والأذرع والسيقان، كما أنها من الممكن أيضا أن تصيب الأعضاء الداخلية والعضلات مما يسبب تلفها. ويجب أن يتم علاج الغرغرينا بسرعة وإلا قد يتعرض الإنسان لمضاعفات خطيرة مثل بتر الأطراف وقد يصل الأمر إلى الموت.

 

أنواع الغرغرينا

 

1. الغرغرينا الجافة:

يطلق على الغرغرينا الجافة أحيانا اسم غرغرينا التحنيط، ويرجع هذا الاسم لشكل الأطراف التي تصاب بهذا النوع من الغرغرينا والتي تجف بشدة ويكون لونها أسود مما يجعلها  شبيهة بالمومياوات. وعادة ما يكون انتشار هذا النوع من الغرغرينا أكثر بطئا من الغرغرينا الرطبة، وتظهر الغرغرينا الجافة كثيرا في أصابع القدمين وتكون مرتبطة ببعض الأمراض المزمنة وأهمها مرض السكري.

 

ويظهر الطرف المصاب بالغرغرينا الجافة غالبا بلون داكن والذي يتراوح بين اللون الأزرق والبني والأسود، ويكون الجلد جافا ورقيقا جدا وباردا نظرا لعدم وصول الدم إليه وتحدث الغرغرينا الجافة أحيانا نتيجة إصابة الأوعية الدموية بالأمراض المختلفة مثل مرض تصلب الشرايين.

 

2. الغرغرينا الرطبة:

عادة ما تحدث الغرغرينا الرطبة نتيجة إصابة الطرف بالعدوى والالتهاب الشديد والذي يدمر الأوعية الدموية الموصلة للدم والأكسوجين، وقد يظهر الطرف المصاب في حالة الغرغرينا الرطبة بشكل متورم ومليء بالبثور والقرح والفقاقيع والتي قد تنفجر ويخرج منها قيح وصديد وقد تكون الاغرغرينا الرطبة مرتبطة بحدوث عدوى في الأنسجة الميتة نتيجة الإصابة بحرق شديد أو قضمة صقيع.

 

وكثيرا ما يصاب مرضى السكرى بالغرغرينا الرطبة في الأقدام وأصابع الأقدام والتي تحدث نتيجة الإصابة بجروح في القدم والأصابع ولا يلاحظها المريض بسبب ضعف الإحساس في القدمين بسبب التهاب الأعصاب المزمن الذي يصاب به مرضى السكرى.

 

يجب أن يتم العناية بالغرغرينا الرطبة وعلاجها بشكل سريع نظرا لسرعة انتشارها واحتمال تسببها في الوفاة وقد تتحول الغرغرينا الجافة إلى غرغرينا رطبة في حالة إصابة الطرف بعدوى بكتيرية في الأنسجة.

 

3. الغرغرينا الغازية:

تعتبر نوع خبيث وخطير من الغرغرينا الرطبة، وتسمى أيضا بالنخر العضلي. وعادة ما تكون مرتبطة بالجروح الملوثة وسيئة التطهير، وقد تحدث أيضا في بعض حالات الجراحات والتي يحدث فيها تلف في الأوعية الدموية. وتعتبر من أخطر أنواع الغرغرينا والتي قد تؤدي للوفاة

 

4. الغرغرينا الداخلية:

تختلف الغرغرينا الداخلية والتي قد تصيب أحد الأعضاء الداخلية في الجسم عن الأنواع الأخرى من الغرغرينا، على الرغم من أن سبب الإصابة بها يعود أيضا لتوقف إمدادات الدم لهذا العضو مثل الأنواع الأخرى.

 

وعلى الرغم من كون أعراضها تكون داخلية وغير ظاهرة الجسم من الخارج، لكنها في الحقيقة خطيرة للغاية وتتطور بسرعة كبيرة وقد تتسبب في الإصابة بتسمم الدم والصدمة الناتجة عن التسمم.

 

أسباب الغرغرينا

كل حالات الغرغرينا تحدث بسبب واحد، وهو توقف إمداد الدم لمنطقة معينة مما يقطع إمداد الأنسجة بالأكسوجين والتغذية مما يتسبب في موت الأنسجة حيث تعتبر الغرغرينا عادة نوع من المضاعفات التي قد يصاب بها الإنسان نتيجة إصابته بمرض أو حالة أخرى.

 

1. أسباب الغرغرينا الجافة:

  • مرض الأوعية الدموية:

عادة ما تحدث الغرغرينا بسبب ضعف وتلف الأوعية الدموية في الأطراف مثل أصابع القدمين والساقين، والذي يصاب به الشخص نتيجة إصابته ببعض الأمراض المزمنة مثل مرض السكري أو تصلب الشرايين الطرفية أو ضغط الدم المرتفع.

 

  • الحروق الشديدة أو الحروق الكيميائية  أو قضمة الصقيع:

التعرض للإصابة بالحروق الشديدة أو الحروق الناتجة عن التعرض للمواد الكيميائية الكاوية أو قضمة الصقيع، قد يسبب الإصابة بالغرغرينا الجافة، والتي قد تتحول فيما بعد لغرغرينا رطبة في حال تعرض الطرف لعدوى بكتيرية.

 

  • مرض رينود:

يسبب هذا المرض ضعف شديد في الدورة الدموية في الأطراف وخاصة أصابع القدمين واليدين، والتي تزداد سوء في فصل الشتاء ومع برودة الجو، ويعتبر هذا المرض من الأسباب الشهيرة للإصابة بالغرغرينا الجافة.

 

  • مرض السكري:

يعتبر مرض السكري المتهم الأول في كثير من حالات الجافة، ويرجع ذلك لأن ارتفاع مستويات السكر في الدم وعدم انتظامه يتسبب في الإصابة بالتهاب الأعصاب والأوعية الدموية المزمن، والذي يضعف الدورة الدموية في الأطراف إلى جانب حدوث ضعف في الإحساس بالأطراف.

 

مما يجعل المريض قد يصاب بجروح في قدميه ولا يشعر بها، كما أنه قد يفقد الإحساس في أصابع قدميه فتظهر فيها بدون أن يلاحظ ذلك. مما يعرضه لمضاعفات كثيرة.

 

2. أسباب الغرغرينا الرطبة:

 

  • الجروح الشديدة:

يمكن أن تؤدي الجروح العميقة أو التي يحدث فيها انسحاق للطرف أو اختراق بأداة حادة أو التي يتعرض فيها الإنسان لحوادث تسمح بانتقال العدوى البكتيرية إلى الإصابة بالغرغرينا. ومن الأمثلة على ذلك جروح الحرب وحوادث السكك الحديدية وحوادث الآلات والماكينات وحوادث الشوارع ، خاصة إذا كانت الأنسجة ممزقة وتعرضت للتلوث.

 

  • الجلطات:

إذا تعرض الطرف لحدوث جلطة شريانية، قد يتسب ذلك في قطع إمداد الدم عن باقي الطرف مما يعرض لحدوث النوع الجافة، كما أنها تزيد من فرص تعرض العضو للعدوى، مما يعرضه أيضا للإصابة بالغرغرينا الرطبة.

 

  • نقص المناعة:

تتسبب حالات نقص المناعة في تفاقم الإصابات الطفيفة وتعرضها للتلوث بسرعة نتيجة ضعف مقاومة الجسم مما يعرض الشخص للإصابة بالغرغرينا، مثل في حالات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، أو مرض السكري، أو تعاطي الكحول أو المخدرات لفترة طويلة ، أو العلاج الكيميائي أو العلاج الإشعاعي.

 

 عوامل خطورة الإصابة بالغرغرينا

كما توجد بعض العوامل التي تزيد من فرص الإصابة بالغرغرينا ومنها:

 

  • التدخين

  • السمنة أو مرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم أو أي نوع من الأمراض التي تسبب ضعف الأوعية الدموية

  • شرب الكحوليات والذي يتسبب في الإصابة بتلف الأعصاب

  • نقص المناعة مثل عند الإصابة بالإيدز أو التعرض للعلاج الكيميائي أو الإشعاعي

  • تناول الأدوية عن طريق الحقن في الأوردة بانتظام

  • كما لوحظ ارتباط الإصابة بالغرغرينا أحيانا مع التناول المنتظم لبعض الأدوية المسيلة للدم مثل الوارفارين

 

أعراض الغرغرينا

تختلف أعراض الغرغرينا حسب نوعها وموضعها بشكل كبير، ولكنها قد تتشارك في بعض الأعراض في المراحل المتقدمة.

 

1. أعراض الغرغرينا الجافة والرطبة:

 

  • تغير لون الجلد:

يبدأ لون الجلد في الطرف المصاب بالتغير تدريجيا من اللون الشاحب في البداية ثم يتحول للون البيج ثم البني الفاتح ثم الداكن وحتى يصل في النهاية للون الأسود المخضر في حالة النوع الجاف.

 

  • التورم:

في حالة الغرغرينا الرطبة يبدأ الطرف في التورم وتفوح منه رائحة كريهة.

 

  • التورم والصديد:

في حالة الغرغرينا الغازية تظهر الرائحة الكريهة بوضوح ويخرج من الطرف المصاب صديد بني له رائحة كريهة.

 

  • الخط الفاصل:

يكون الجلد لامعا وجافا وغير نضر، مع ظهور خط فاصل واضح يفصل بين المنطقة المصابة والمنطقة السليمة.

 

  • الشعور بالألم:

في البداية يشعر المصاب بآلام شديدة في الطرف المصاب، ثم تتبع بفقد تدريجي في الإحساس في المنطقة المصابة وعدم القدرة على تحريك الطرف.

 

  • فقدان النبض:

يضعف النبض في الطرف المصاب حتى يتوقف تماما.

 

  • البرودة:

يفقد الطرف المصاب حرارته الطبيعية ويصبح باردا عند لمسه.

 

2. أعراض الغرغرينا الغازية:

قد تظهر أي من أعراض الغرغرينا الجافة أو الغرغرينا الرطبة في الحالة الغازية، بالإضافة لأعراض أخرى مثل:

 

  • تورم المنطقة المصابة والشعور بألم شديد عند لمسها

  • تبدأ المنطقة المصابة بتغير لونها من الطبيعي للون الشاحب ثم الأحمر ثم البني بدرجاته حتى الوصول للون الأسود المخضر

  • تظهر بعض البثور والفقاقيع والقرح المليئة بصديد أحمر وبني

  • يخرج من المنطقة المصابة رائحة كريهة وقد تنز بعض السوائل الملونة كريهة الرائحة أيضا

  • قد تشعر بوجود فقاعات غازية تحت الجلد تتحرك عند الضغط عليها، وينتج هذا الغاز من البكتيريا المسببة للعدوى.

 

3. أعراض الغرغرينا الداخلية:

عادة ما تكون أعراض النوع الداخلي غير ظاهرة على الجسم من الخارج، وتظهر كأنها أعراض عامة تتشابه مع الكثير من الأمراض الأخرى ومنها:

 

  • ارتفاع درجة الحرارة والقشعريرة

  • التشتت

  • الغثيان والقيء والإسهال

  • انخفاض ضغط الدم مما يسب الصداع أو الإغماء

  • زيادة عدد نبضات القلب والتنفس السريع

 

التشخيص

عند ظهور أي من الأعراض السابقة يجب التوجه فورا للطبيب للحصول على التشخيص السليم وبدء العلاج على الفور فإذا شك الطبيب في الإصابة بالغرغرينا  فسيبدأ في أخذ التاريخ المرضي والكشف على موضع الإصابة لاكتشاف باقي الأعراض  والبحث عن وجود عدوى أو جرح. كما سيبحث عن أعراض تدل على وجود الصدمة.

 

وقد يطلب الطبيب إجراء بعض الفحوصات مثل أشعة إكس على مكان الإصابة للعثور على الفقاقيع الغازية في العضلات والأنسجة أو رنين مغناطيسي وأشعة مقطعية كما قد يطلب إجراء تحاليل الدم والأنسجة وللصديد أيضا للكشف عن نوع البكتيريا المسببة للعدوى.

 

علاج الغرغرينا

يعتمد علاجها على موقعها ونوعها ومدى تقدم المرض، حيث بمجرد التأكد من وجود إصابة بالغرغرينا فيجب التحرك وبدء العلاج على الفور للحد من المضاعفات الخطيرة والتي تصل للموت وقد يشمل العلاج ما يلي:

 

  • العلاج بالمضادات الحيوية الوريدية

  • إزالة الأنسجة الميتة والمتضررة جراحيا، وقد يشمل هذا بتر للأصابع أو الأذرع أو السيقان المصابة لتجنب انتشار المرض.

  • وقد يحتاج المريض بعد الشفاء إجراء جراحة تجميل لترقيع الجلد في أماكن الإصابة لتحسين الشكل العام.

 

كيفية الوقاية منها

للوقاية من الإصابة بها يجب اتباع بعض الإرشادات الطبية التي تحميك من التعرض لمسبباتها:

 

  • متابعة ومراقبة وعلاج أي قرح أو جروح أو احمرار أو تورم أو صديد في أي موضع من الجسم وخصوصا الأطراف وأصابع القدمين واليدين.

  • تجنب استخدام الأدوية الكيميائية التي تباع للتخلص من الكالو والجلد الميت في القدمين بدون استشارة الطبيب

  • تجنب تلوث الجروح في القدمين عن طريق غسلها بانتظام بالماء والصابون والتأكد من نظافة وجفاف المناطق بين أصابع القدمين.

  • التوجه للطبيب عند الشعور ببرودة مستمرة في أحد الأطراف.

  • تجنب الخروج من المنزل بدون حذاء أو بحذاء مفتوح يكشف الأصابع،، أو ارتداء الحذاء بدون جورب سميك. وخصوصا لمرضى السكرى

 

المراجع:

  1. Medical News Today: What you need to know about gangrene
  2. NHS: Gangrene
  3. Web MD: Gangrene