نشاط الغدة الدرقية و اسبابها

 نشاط الغدة الدرقية :

ما هو فرط نشاط الغدة الدرقية ؟ 

يعرف فرط نشاط الدرق بأنه ليس مرضاً محدداً بعينه ، إنما هو مجموعة متنوعة من الأمراض التي تؤدي إلى ارتفاع عيار الهرمونات التي تفرزها الغدة الدرقية في الدم وما ينتج عنها من آثار سلبية على جسم الإنسان وخلاياه وتتراح الآثار من خفيفة إلى شديدة حسب مستوى تلك الهرمونات في الدم.

 

وما يزيد من آثار تلك الأعراض أن الهرمونات الدرقية تتحكم بشكل مباشر بعمليات الاستقلاب في جسم الإنسان، ومما قد يزيد الأمر تعقيداً أن الأعراض في الحالات الخفيفة تكون قليلة وقد لا تدفع المريض لزيارة الطبيب ، ومن اسباب نشاط الغدة الدرقية وهي أعراض مشتركة في أغلب الأمراض المتعلقة بها ، ولكنها تختلف حسب مستوى الهرمونات في الدم واستجابة النسج.

 

اعراض مشتركة في امراض الغدة الدرقية

 

1. زيادة ضغط الدم الانقباضي:

وهو الناجم عن زيادة انقباض القلب أما ضغط الدم الانبساطي أو ما يعرف بالضغط الأصغري فهو ضغط الأوعية التي تطبقه على الدم ، ولم تتضح زيادة فيه مع وجود فرط درق.

 

2. زيادة حركية الأمعاء:

وبالتالي حدوث الإسهال الحركي.

 

3. القلق والتوتر والاضطرابات العصبية.

 

4. فرط تحمل الحرارة:

شدة التعرق وفرط حرارة الجسم.

 

5. الاضطرابات المتعلقة بالنظم القلبي وهي الأخطر.

 

6. فقدان الوزن:

نتيجة خسارة النسيجين العضلي والشحمي تدريجياً لأن فعل الهرمونات الدرقية في الجسم هو هادم للدسم والبروتين.

 

7. ارتفاع سكر الدم:

فالهرمونات الدرقية هادمة لمخزون السكر أيضاً وكذلك تزيد اصطناع سكر الدم في الكبد.

 

الفرق بين انسمام الغدة الدرقية وفرط نشاطها ؟

 

فالانسام دائماً يدل على ارتفاع شديد وأعراض شديدة ظاهرة ولا يمكن أن تكون تحت سريرية، أما فرط نشاط الغدة الدرقية يتراوح بين الخفيف والشديد وقد يكون طبيعياً غير مرضي كفرط النشاط العابر عند المرأة الحامل.

 

ومن المهم معرفة أن فرط نشاط الغدة الدرقية أو انسمامها قد يترافق بمظهر خارجي طبيعي للغدة أو قد يكون منظراً عقدياً أو قد نجد في الغدة الدرقية مجموعة من العقد تفرز الهرمونات الدرقية بكثرة.

 

لمحة عن عمل الغدة الدرقية 

 

الغدة الدرفية لا تعمل من تلقاء نفسها ، فلا بد لها من مراكز عليا تنظم عملها وتمنع أي اضطراب أو خلل في الحالات الطبيعية ، والمركز الأعلى المشرف على الغدة الدرقية هو منطقة تحت المهاد أو الوطاء الذي يفرز الهرمون المطلق للغدة الدرقية ويسمى اختصاراً (TRH).

(مقال متعلّق)  اعراض انخفاض و خمول الغدة الدرقية

 

هذا الهرمون يمر عبر مجرى الدم ليرتبط مع مستقبلاته في الغدة النخامية وهي المركز الثاني والأقل مستوى والناظم لعمل الغدة الدرقية.

 

يفرز الهرمون الموجه لعمل الغدة الدرقية و يسمى اختصاراً (TSH) ويصل الهرمون إلى الغدة الدرقية ثم يرتبط مع مستقبلاته الخاصة وينشط عمل الغدة الدرقية على إفراز هرموناتها ومن المؤكد أن عمل الغدة الدرقية وتركيبها للهرمونات يقوم على قبط اليود من الدم.

 

لذلك لا بد من تواجد وافر لليود في غذائنا ، وبعد التنشيط تمر الهرمونات الدرقية إلى الدم لتؤثر في كل خلايا الجسم وتزيد من العمليات الاستقلابية فيها ، والاستقلاب هو تفاعلات الهدم والبناء التي تقوم بها خلايا جسمنا للمحافظة على الحياة واستمرار وظائف الجسم بالشكل الصحيح.

 

ويجب أن نعلم أن هرمونات الغدة الدرقية هي على نوعين التيروكسين ويعرف باسم T4 والتيرونين ثلاثي اليود ويعرف باسم T3 ، والهرمونات الدرقية تكون إما مرتبطة مع بروتينات الدم أو تكون حرة ، ولكل نوع فائدته.

 

فالشكل الحر هو الشكل الأكثر فعالية بينما يفيد الارتباط مع بروتيات الدم في المافظة على مخزون جيد من الهرمون يحمي الهرمون من الإطراح عبر الكلية والكبد ويؤمن حاجة النسج من الهرمونات عند الحاجة.

 

أهم الأمراض التي تسبب فرط نشاط الغدة الدرقية : 

 

1. داء غريفز : 

 

ويعرف باسمه نسبة إلى مكتشفه العالم روبرت غريفز ، ويعتبر من الأمراض المناعية الذاتية التي تتميز بإفراز عال من الأجسام المضادة أو الأضداد المنبهة للدرقية ، والأضداد هنا لا تعاكس عمل الغدة الدرقية.

 

بل على العكس تزيد من عملها وتنافس الهرمون المنبه للدرقية على الارتباط مع مستقبلاته في الغدة ،وينتج عن ذلك زيادة حجم الغدة الدرقية أو يسمى دراق ، أو ضخامة درق ، وبالتالي زيادة في عملها ومستوى هرموناتها في الدم.

 

قد نجد داء غريفز بشكل إفرادي ومعنى ذلك أن يظهر المرض بشكل منفرد عن المريض ، أما الشكل الآخر للمرض فهو ترافقه مع أمراض مناعية أخرى في الجسم كترافقه مع التهاب المفاصل الروماتيدي ومرض الذئبة الحمامية الجهازية.

 

ملاحظة :

الغدة الكظرية مكونة من قسمين مختلفين وظيفياً وتشريحياً هما :

1. لب الكظر.
2. قشر الكظر.

 

ويقوم قشر الكظر بإفراز هرمونات كالكورتيزول والألدوستيرون وبعض الهرمونات الجنسية أم اللب فيقوم بإفراز الأدرينالين والنورأدرينالين وهما أساسيان في عمل الجهاز الودي في جسم الإنسان.

 

ومتلازمة أديسون تشمل أي قصور حاصل في قشر الكظر تحديداً لأي سبب كان ولكن السبب المناعي هو السبب الأكثر شيوعاً.

 

وتبين الدراسات التي أجريت في الولايات المتحدة وفقاً لمؤسسات عالمية أن داء غريفز هو أشيع سبب
لفرط نشاط الغدة الدرقية في الولايات المتحدة ، وعادة ما يترافق المرض مع الأمراض المناعية الأخرى والتي تحمل طابعاً وراثياً.

(مقال متعلّق)  ما هي الغدة الدرقية

 

المرض يجب مراقبته بدقه لأن إهماله قد يؤدي إلى انسمام درقي شديد أو ما يعرف باسم (العاصفة الدرقية) ويؤدي ذلك إلى نقص سريع في الوزن مع عملية هدم للعضلات والنسيج العظمي بتأثير الهرمونات الدرقية.

 

ويترافق ذلك مع اضطراب في الطمث عند النساء ، وكذلك الاضطرابات القلبية وهي الأخطر كاضطرابات النظم وخوارج الانقباض الأذيني والبطيني ويقود ذلك تدريجياً إلى قصور القلب بسبب عدم قدرته على الاستجابة للتنبيه المستمر.

 

أهم الاضطرابات التي ترافق داء غريفز : 

ومن أهم الاضطرابات التي ترافق داء غريفز وتعتبر مشخصة له بشكل كبير هو:

1. الاضطرابات العينية

2. وجود أضداد وخلايا لمفاوية تهاجم أنسجة العين كالعضلات والنسيج الشحمي والشبكية والقرنية.

3. تبدأ الأعراض عند المريض بتشنج الجفن وشفع الرؤية أي ازدواجها.

4. تتطور الأعراض تدريجياً حتى يصاب العصب البصري ويؤدي بالنهاية إلى العمى.

 

وبالطبع تختلف مدة ظهور الأعراض أو حتى عدم ظهورها على الخطة العلاجية ومواجهة حالة الفرط المناعي بكابتات المناعة و الأدوية المضادة للهرمونات الدرقية.

 

الادوية المستخدمة: 

 

1. الأدوية الكابتة للمناعة:

هي مجموعة دوائية واسعة تقوم على مبدأ تخفيض تعداد الخلايا المناعة وخاصة الكريات البيض وتحديداً اللمفاويات التائية واللمفاويات البائية ، والبائيات هي الخلايا المنتجة للأجسام المضادة والتي تلعب دوراً مهماً في زيادة الارتاكس المناعي.

 

2. الأدوية المضادة للدرق:

فهي تحاصر الهرمونات الدرقية وتقلل عددها في الدم وكذلك تحاصر مستقبلاتها وبذلك تقلل استجابة الخلايا للهرمونات الدرقية المفرطة.

 

وأما عن تشخيص المرض فيمكن عيار مستوى الهرمونات الدرقية في الدم وتبين ارتفاعها الملحوظ ، وكذلك الكشف عن الأجسام المضادة بالاختبارات المناعية ، ومن أهم الاختبارات أيضاً التفسرية الومضانية.

 

والتفريسة الومضانية هي اختبار يعتمد على قبط الغدة الدرقية لليود ، ويعطى المريض كمية من اليود المشع، وطبعاً ستكون آثاره قليلة جداً على المريض هذا اليود المشع عندما تقبطه الغدة الدرقية سيعطينا ذلك فكرة واضحة عن عملها.

 

2. داء العقدة السمية أو داء بالمر :

 

والمشكلة هنا هو وجود عقدة درقية قد يعتقد الطبيب أنها سرطانية ولكن بإجراء الاختبارات الأدق سيجد نفسه أمام عقدة تفرز الهرمونات الدرقية بشكل كبير ومن هنا جاءت تسميتها بالعقدة السمية ، وقد تؤدي إلى حالة انسمام درقي ، وبالفحص باختبار التفريسة الومضانية.

 

سنرى أن العقدة السمية هي من تقبط الهرمونات الدرقية فيما نلاحظ أن باقي الغدة الدرقية أصبح نسيجاً غير وظيفي أو غير قابط لليود ، وهذا مهم جداً في التشخيص.

 

أما أعراض الانسمام الدرقي فهي مشتركة مع الأمراض الأخرى المماثلة ، وآلية حدوث المرض تبقى غير معروفة وتتفوق النساء على الرجال في الإصابة بالمرض بنسبة 4 إلى 1 ، أي كل 4 حالات من النساء يصاب حالة واحدة من الرجال فقط.

(مقال متعلّق)  امراض الغدة الدرقية

 

وأما عن العلاج فيكون باستئصال العقدة جراحياً وذلك كاف للشفاء مع مراقبة المريض خوفاً من حدوث قصور درق بسبب العمل الجراحي ويمكن القول أنه في المداخلات الجراحية على الغدة الدرقية فإن حدوث قصور الغدة احتمال وارد.

 

3. التهاب الدرق تحت الحاد ل دوكيرفان :

 

وهو التهاب غدة درقية فيروسي ، يصيب عادة الإناث أكثر من الذكور بأعمار 30 إلى 40 سنة، ويشكو المريض من ألم شديد في البلعوم مع ارتفاع درجة حرارة وآلام عضلية ، والألم قد ينتشر إلى الفك والأذن في جهة واحدة أو في جهتين.

 

ومن أهم الفيروسات المسببة للمرض، فيروس النكاف الذي يصيب الغدد اللعابية وقد يصيب مناطق أخرى من الجسم كالبنكرياس والغدة الدرقية، وكذلك فيروس الكوكساكي والفيروس الغدي.

 

وبالفحص النسجي للغدة الدرقية نجد اندخال الخلايا المناعية في الغدة الدرقية وهو دليل على وجود الالتهاب ويمكن بفحوص أدق كشف الفيروس المسبب والغدة الدرقية تبدي تضخماً معتدلاً نوعاً ما، ويزداد تألم المريض بجسها.

 

وبالفحص المخبري سنجد ارتفاع الكريات البيض والحمر في الدم والعلامة المهمة هنا هي ارتفاع سرعة التثفل أكثر من 50 ملم في الساعة الأولى والقيمة الطبيعي لها وسطياً 10 إلى 15 ملم.

 

ويمر المرض عادة بثلاث مراحل وهي :

 

1. مرحلة ارتفاع الهرمونات الدرقية وتثبيط الهرمون المحفز للدرق ، وتستمر هذه المرحلة أسابيع أو أشهر.

 

2. مرحلة ثانية قصيرة تنخفض فيها هرمونات الغدة الدرقية في الدم وتعتبر هذه المرحلة سابقة للشفاء.

 

3. مرحلة التوازن وفيها تتوازن مستويات الهرمونات الدرقية في الدم وتعود الغدة إلى عملها السابق للمرض.

 

وأما عن علاج المريض فيمكن إعطاء مضادات الهرمونات الدرقية لمواجهة ارتفاعها، ومن المهم تطبيق مضادات الالتهاب اللا ستيروئيدية كالإيبوبروفين لتقليل الالتهاب وتسريع الشفاء.

 

قد يحدث في حالات قليلة جداً أن يستمر الالتهاب لفترات طويلة أو يتحول إلى مزمن وبالتالي زيادة الالتهاب ستزيد من أذية الغدة الدرقية وقد تؤدي إلى قصورها ، ويكون العلاج هنا هو التعويض بهرمون التيروكسين الدرقي مدى الحياة.

 

وما نلاحظه في الأمراض المذكورة أن فرط نشاط الدرق قد يؤدي إلى حالة انعكاس فيتحول إلى قصور لذلك يجب اتباع خطة علاجية محكمة تضمن سلامة المريض.

 

المراجع:

  1. Med Scape : Hyperthyroidism, Thyroid Storm, and Graves Disease
  2. Med Scape : Graves Disease