اسباب الكذب عند الاطفال

في ليلة يشوبها الهدوء وقبل أن يذهب الصغار للنوم، سألت الأم طفلها الأكبر ( هل أكملت واجبك الدراسي )، ليجيبها بابتسامة مطمئنة أنه فعل، ولكن في اليوم التالي تفاجئ الأم بشكوى المعلمة من فشل ابنها وعدم حله للواجبات الدراسية، تغضب الأم وتنفعل من كذب طفلها..

 

ولكن لأنها أم ذكية تسائلت أولًا لماذا كذب ابنها ولم يخبرها بالحقيقة؟ و ما هي اسباب الكذب عند الاطفال او عند طفلها بالتحديد؟

 

من أكثر المشاكل التي قد يواجهها الآباء في التربية هي الكذب عند الأطفال، وذلك خوفًا من أن تتحول تلك الكذبة الصغيرة إلى مرض وإدمان لدى الطفل، وبالتالي يحرص الآباء دائمًا على تعليم أولادهم وتلقينهم (الكاذب يدخل النار)، ومحاولة معالجة المشكلة بشتى الطرق، قبل حل أي مشكلة يجب أولًا معرفة الأسباب، ولذلك نتسائل لماذا يكذب أطفالنا؟ وهل كل الكذب سئ؟ وهل نعلم اسباب الكذب عند الاطفال ؟

 

وفقًا لعدد من الدراسات للباحث الكندي كانج لي، تم تقسيم الكذب عند الأطفال لعدة أنواع:

 

1.  الكذب الصحي:

وهو الذي يعتبر ضرب من ضروب الخيال والمغامرة التي يقوم بها الطفل ذو الأربعة أعوام، وخاصة عند تخيله لصديق وهمي أو التحدث مع ألعابه.

 

2. الأكاذيب البيضاء:

كمجاملة شخص آخر حتى لا يجرح شعوره، وهي الأكاذيب التي تبدأ منذ عمر السادسة.

 

3. الأكاذيب لتجنب العقاب:

وهذا النوع قد يبدأ عند الأطفال منذ ثلاث سنوات، كالكذب بشأن من سكب العصير على الأرض.

 

وعلى الرغم من أن الكذب صفة مكروهة جدًا إلا أن الدراسات أثبتت أن الأطفال الذين يكذبون أكثر لديهم قدرات إدراكية عالية، وذلك لأن الكذب يحتاج إلى إبقاء المعلومات الصحيحة في العقل والتلاعب بها بطريقة مناسبة، كما أفادت بعض هذه الدراسات أن الكذب قد يكون دليلًا على المهارات الاجتماعية العالية عند المراهقين.

(مقال متعلّق)  كيفية التعامل مع الطفل الكذاب

 

ولكن يبقى الكذب آفة، ومن المهم تربية أطفالنا على الأمانة في القول والفعل، ولحدوث ذلك يجب أولًا معرفة الأسباب التي تجعل الأطفال يكذبون هل خوفًا من العقاب؟، وهل الطفل مدرك كفاية ليعرف أن هذا الكذب شئ خاطئ وفعل سئ؟

 

فالطفل الذي يرسم على الحائط قد يعرف أن ذلك أنه يقوم بعمل سئ، ولكن لا يعرف أن الكذب بشأنه شئ خاطئ، ولذلك بدلًا من تهديد الطفل سنحاول أن نفهم الأسباب التي تجعل أولئك الصغار لا يقولون الحقيقة.

 

اسباب الكذب عند الاطفال

سنقوم الآن بتقسيم اسباب الكذب عند الاطفال حسب العمر, فلكل عمر و مرحلة عمرية ديناميكيات و دوافع مختلفة للكذب, دعونا نخوض في تحليل اسباب الكذب عند الاطفال حسب عمر الطفل كالتالي:

 

اسباب الكذب عند الاطفال في الأعمار الأولى:

إذا سألت طفلين صغيرين في الثانية من عمرهم من الذي سكب العصير بنظرة ولهجة غاضبة، من السهل أن تتوقع أن كلًا منهما سيشير إلى الطفل الآخر، وذلك لأن طفل في الثانية أو الثالثة من عمره لا يريد أن يقع في مشكلة مع والده أو والدته.

 

حيث أن السؤال بتلك اللهجة الغاضبة، يعتبره الطفل اتهام يجب إنكاره، وبالتالي فإن الكذب يبدأ عند الصغار لخدمة مصالح ذاتية، كأن ينفي الطفل عن نفسه ذلك الاتهام الغاضب بكسر الزجاجة وإنكاره فعل الشئ.

 

وبالطبع ليس منطقيًا أن يتم عقاب طفل ذو عامين أو ثلاث أعوام على الكذب لأنه لا يعرف أن ذلك الكذب خاطئ، فقط كل ما يريده هو أن يبتعد عن المشاكل وأن يبقى بآمان.

 

فبدلًا من توجيه الصراخ للطفل بمن كسر الزجاجة، يمكن لولي الأمر أن يقول للطفل أن الزجاجة قد كُسرت بنبرة هادئة، وينبهه ألا يفعل ذلك مرة أخرى.

 

اسباب الكذب عند الاطفال في الأعوام التي تسبق المدرسة

يعتبر سن الرابعة والخامسة عند الأطفال هو سن التخيل، فستجدهم يخبرونك عن قصص الوحوش التي تختبئ في غرفهم، أو المغامرات التي يقوم بها صديقهم الخيالي، أو تحدثك الفتاة عن صديقتها التي تستطيع أن تفعل أشياء خارقة.

(مقال متعلّق)  طرق عقاب الطفل فى المراحل العمرية المختلفة

 

ولكن تلك المخيلات لا نعتبرها بالضرورة أكاذيب وذلك لأنها تعتبر من الكذب(الصحي) الذي يدل على اتساع مخيلة الطفل، بل بالعكس تعتبر تلك الحكايات وسيلة لأولياء الأمور للتعرف على انفعالات أبنائهم وأفكارهم.

 

وطالما أن ذلك الصديق الخيالي لا يمنعهم من تكوين صداقات حقيقية في الواقع والتفاعل مع الناس، تبقى تلك المخيلات وسيلة مرحة للأطفال للتعبير عن أنفسهم، كما تشير الدراسات إلى أنها غالبًا ما تختفي عند سن السادسة.

 

أما من بعد سن الخامسة وحتى العاشرة من العمر، يبدأ الأطفال في التعرف على الصفات الحميدة كالصدق والأمانة، ويتعرفون على الكذب والأفعال الخاطئة فإذا تربوا في محيط يحترم الصدق ويشجع قول الحقيقة ستجدهم يحاكون ذلك المجتمع، يكرهون الكذب ويحترمون الصدق، ويرددون (الكذاب في النار).

 

اسباب الكذب عند الاطفال في سن العاشرة:

عندما يبلغ الطفل سن العاشرة يكون مدرك كفاية لما يفعله، وهل هو صحيح أو خاطئ، يعرف جيدًا متى يقول الحقيقة ومتى يكذب، وهنا تختلف أسبابه للكذب، ومن هذه الأسباب :

 

1. الكذب عن طريق الخطأ :

هذا الكذب يكون كرد تلقائي من غير قصد، كأن تصرخ الأم من فتح الباب للقطة، فتلقائيًا يرد الطفل ليس أنا، ثم يدرك أنه هو من فتح الباب وأدخل القطة، فيعرف أنه كذب، فأما أن يقول بعدها الحقيقة أو يستمر فى كذبه.

 

2. الخوف :

من أكثر الأسباب التي تدفع الطفل لتزييف الحقيقة هي الخوف، وخاصة عندما يكون ينشأ الطفل ضمن عائلة تتبع العقاب البدني أو العنف في تربية أطفالها، هنا يخاف من الاعتراف بخطئه، بالتالي يلجأ إلى الكذب ليتجنب العقاب ويكون بأمان.

 

3. عندما يريد تجنب فعل شئ لا يحبه :

غالبًا ما يكذب الأولاد بشأن حل واجباتهم الدراسية، ويرجع ذلك إلى عدم حب الطفل لمادة بعينها، فيجد صعوبة في مذاكرتها أو حل واجباتها، ولذلك يضطر إلى الكذب حتى لا يلزمه بفعل ما لا يحبه، ويظهر ذلك أيضًا في ممارسات أخرى كترتيب الغرفة، جمع الألعاب، وغيرها من الأمور التي قد يراها الطفل مملة ولا يحبها.

(مقال متعلّق)  كيف اتعامل مع الطفل العنيد

 

4. كطريقة للاندماج اجتماعيًا :

الأطفال الذين يشعرون أنهم غير محبوبين من غيرهم، أو لا يعرفون كيف يندمجون مع زملائهم في المدرسة، قد يلجأون إلى الكذب، واختراع أمور وهمية تجعلهم في عيون زملائهم لائقين اجتماعيًا أو جذابين، ككذب الطفل بشأن مهنة والده وأنه ظابط في الحربية لينال الرضا بين زملائه.

 

5. الحدود الحازمة في الأسرة :

في تلك الأسر التي لا تسمح لأطفالها بقدر من الحرية والاستقلالية لاختيار أصدقائهم، والخروج معهم، والاندماج في المجتمع، كثيرًا ما يضطر الأبناء للكذب رغبة منهم في الحصول على الحرية التي يحتاجونها، ككذبة طفل بذهابه إلى المدرسة في حين أنه يذهب إلى النادي ليلعب مع أصحابه.

 

6. من اسباب الكذب عند الاطفال ان القدوة غير موجودة :

من المعروف أن الأطفال تتأثر بالمحيط الذي تنشأ فيه، وخاصة أولياء أمورهم حيث يرى الطفل في أبيه وأمه قدوة ويحرص على تقليدهم من حين لأخر، لذلك إذا كنت تأمر طفلك بالكذب حين يسأل جارك عنك، أو تعده بهدية إذا فعل شئ ما ولا تفي بوعدك، فالطبع سيتعلم منك الطفل الكذب وعدم الأمانة.

 

7. الإدمان :

ونقصد به هنا أن الكذب يكون مرضًا كالإدمان، وهو غالبًا نادر الحدوث، إلا أن هناك أطفال قد يكون الكذب عندهم مرضيًا يرجع لظروف نفسية معينة، فهم يكذبون بسبب أو بدون.

 

وكانت هذه الأسباب ما اتفقت عليه الدراسات والأبحاث اسباب الكذب عند الاطفال، ومن هنا وجب على أولياء الأمور معاملة الطفل بهدوء لمعرفة سببه ومحاولة علاج مشكلته، فالحوار من ضمن النماذج الإيجابية في التربية والتي أثبتت فعاليتها في حل مشاكل اسباب الكذب عند الاطفال .

 

المراجع:

  1. psychology today: Why Kids Lie
  2. Cnn: Why kids lie — An age-by-age guide
  3. psychcentral: When a Child Lies