ما هي اسباب التوحد ؟

انتشرت مؤخراً حالات التوحد بين الكثير من الأطفال على مستوى العالم وكثرت الأقاويل حول اسباب التوحد وعلاجاته وكيفية الوقاية منه، والحقيقة أن الخبراء مازالوا يبحثون عن سبب للتوحد إلا أن ما توصلوا إليه حتى الآن أن أسباب التوحد لها احتمالات عديدة.

 

فهناك أسباب جينية وأسباب بيولوجية وأخرى خاصة بالبيئة المحيطة للطفل في هذا المقال سنسرد لكم العديد من اسباب التوحد التي توصل لها الأطباء والخبراء حتى الآن، حتى تتعرفوا أكثر على حيثيات هذه الحالات ومحاولة وقاية أطففالكم منها على قدر الإمكان.

 

اسباب التوحد :

 

اولاً: الجينات الوراثية:

وجد العديد من الباحثين فيما يتعلق ب اسباب التوحد وجود علاقة ما بين الجين الوراثي وحالات التوحد، ففي بعض الحالات تم إيجاد أن أحد أفراد عائلات الأطفال المُصابة بالتوحد له تاريخ من المشاكل الاجتماعية النفسية مثل مشاكل في التواصل مع الآخرين والتي يعتبرها البعض شبيهه إلى حد ما بحالات التوحد.

 

كما وجدت دراسة أخرى أن حالات من الاضطرابات النفسية مثل الهوس والاكتئاب عادة ما تحدث بين أحد أفراد عائلة الطفل المُصاب بالتوحد وهناك سبب آخر تمت ملاحظته في العلاقة ما بين الجينات وتطور مرض التوحد.

 

فقد تم إيجاد أن التوحد يُصيب التوأمين المتطابقين بينما يمكن أن يصيب طفل واحد في حالة التوأمان الغير متطابقان. إلى جانب أن العائلة التي يوجد بها طفل مُصاب بالتوحد يُحتمل بنسبة 5 % أن تأتي بطفل آخر مُصاب بنفس الحالة.

 

وقد أكد العديد من الباحثين في اسباب التوحد وجود علاقة ما بين الجينات الغير طبيعية وحالات التوحد، فقد يكون الجين الغير طبيعي واحداً فقط من ثلاثة إلى خمسة جينات هو الذي يتفاعل بشكل ما ليسبب حالة التوحد. لذا فقد اشتبه بعض العلماء أن الجين أو الجينات المختلة هي التي تجعل الشخص يميل إلى الإصابة بحالة التوحد.

 

وفي نفس الصدد أكدت أبحاث أن الآباء الذين هذا الجين أو الجينات المختلة التي تحدثنا عنها يمكن أن يمررها لأحد أطفاله حتى لو لم يكن هذا الشخض مُصاب بالتوحد، وفي بعض الحالات تُنشأ هذه الجينات بشكل تلقائي في بدايات تكوين الجنين، أو في الحيوان المنوي أو البويضة المكونة للجنين.

 

ولكن ليس من الضروري أن تسبب هذه الجينات حالة التوحد بمفردها و لكن يمكن فقط أن تزوّد من خطر الإصابة بحالة التوحد مع أسباب أخرى.

 

ثانياً: اسباب متعلقة بالبيئة المحيطة:

أشارت بعض الأبحاث أن هناك العديد من العوامل البيئية المحيطة بالطفل من شأنها أن تزيد أو تقلل من خطر الإصابة بالتوحد، وفيما يلي تعريف بهذه العوامل:

(مقال متعلّق)  علامات التوحد

 

 العوامل التي تزيد من نسبة الإصابة:

 

1. السن المتقدمة عند إحدى الآباء.

2. حدوث مشاكل في الحمل أو الولادة.

3. أن تكون الفترة ما بين الحمل والآخر قريب جداً.

4. أن تصاب المرأة الحامل بعدوى أو بكتيريا معينة يمكن أن تنقلها للطفل عن طريق المشيمة.

5. نقص الفوليك أسيد في جسد المرأة الحامل.

6. إصابة المرأة بسكري الحمل.

7. تناول المرأة لمضادات أكتئاب معينة أثناء الحمل.

8. مشاكل الجهاز الهضمي التي تحدث للمرأة أثناء الحمل.

 

وينصح الأطباء المرأة الحامل دائماً بتناول الأطعمة أو المكملات الغذائية التي تحتوي على فيتامينات وفوليك أسيد، كما يُنصح بعدم تناول أياً من الأدوية أو المكملات الغذائية من دون استشارة الطبيب، وعند إصابة المرأة بأي نوع من العدوي أو الفيروسات عليها باللجوء للطبيب على الفور.

 

ثالثاً: اختلافات في بيولوجيا المخ:

رشّح بعض الخبراء أن هناك اختلاف في التواصل يحدث ما بين الخلايا العصبية للدماغ، فيما رشح البعض الآخر أن هناك عدم توافق يحدث فيما بين مناطق التواصل في المخ.

 

كما أن بعض الأبحاث التي أجريت في هذا الاتجاه قد أشارت إلى أن الموجات فوق الصوتية التي أجريت قبل الولادة لأطفال أُصابوا بالتوحد فيما بعد قد أظهرت اختلافات في أنماط النمو في مخ الجنين.

 

كما لوحظ أن عدد كبير من الأطفال الذين يصابوا بحالات التوحد قد وُلدوا بمشكلة تضخم الرأس. وقد أشيرت دراسة تعود إلى عام 1943 أن 4 من كل 11 شخص مُصاب بالتوحد لدية مشكلة تضخم الراس أو الرأس الكبير.

 

أشارت دراسة أجريت على 11 شخص مصابون بالتوحد بعد مراقبة أدمغتهم بالميكرسكوب أن ثمة تغييرات تحدث في تركيبة وتنظيم خلايا المخ التي تتكون خلال فترة تكون الجنين، وتشير أيضاً إلى اختلافات في تطور نمو المخ بشكل سريع للغاية بمجرد حدوث الحمل للمرأة.

 

إذا تم الاتفاق على صحة العلاقة ما بين اختلافات بيولوجيا المخ والإصابة بالتوحد فإن ذلك سيفسر لماذا يوجد صعوبة لأولئك الأشخاص المصابون بالتوحد على التعامل مع المهام المعقدة والتي تتطلب تجميع ودمج المعلومات.

 

رابعاً: عوامل بيولوجية أخرى:

هناك إشارات أولية لوجود دلائل على أن الأشخاص الذين يصابوا بالتوحد قد تعرضوا لمعدلات عالية من هرمون التستوستيرون عندما كانوا أجنة في رحم أمهاتهم.

 

ولذلك فيُعتقد أن التركيزات العالية لهرمون التستوستيرون في الدم ربما يؤدي إلى تدمير الخلايا وخاصة في المخ، والذي يُحتمل أن يكون لها تأثير في تغير مستويات الهرمونات للجنين.

 

وعلى الرغم من التأكيد الدائم على أهمية البكتيريا النافعة الموجودة في الأحشاء و التي لها تلعب دور هام في بناء الجسم وتعزيز الجهاز المناعي وتعزيز عمل الغدد الصماء و غيرها من الفوائد إلا أنبعض الأبحاث أثبتت أن الاضطراب في التوازن الطبيعي لهذه البكيتريا عند المرأة الحامل يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالتوحد.

(مقال متعلّق)  كيفية التعامل مع اطفال التوحد في المدرسة

 

خامساً: حالات صحية قد تؤدي إلى التوحد:

هناك بعض الحالات أو المشاكل الصحية التي يعتقد البعض وجود علاقة بينها وبين الإصابة بالتوحد وهي:

 

1. ضمور العضلات:

وهي عبارة عن مجموعة من الجينات الوراثية التي تتسبب في ضعف العضلات بالتدريج وضمورها.

 

2. متلازمة داون:

وهي من الحالات الشهيرة التي تتسبب في وجود ملامح في الوجه والجسم معينة للشخص المُصاب بها إلى جانب وجود صعوبات في التعلم لديه.

 

3. الشلل الدماغي:

وهي حالات تصيب المخ والجهاز العصبي تسبب مشاكل للشخص في الحركة والأداء العام.

 

4. التشنجات الطفولية:

وهي نوع من أنواع الصرع والتي تظهر خلال فترة الطفولة المبكرة (عادة قبل أن يتم العام الأول).

 

5. الورم العصبي الليفي:

وهي عدد من الحالات الجينية التي تتسبب في وجود أورام تنمو مع الأعصاب.

 

6. أمراض جينية نادرة:

مثل متلازمة إكس والتصلب الجلدي ومتلازمة ريت.

 

سادساً: الروابط المتداخلة بين خلايا المخ:

في حالة الأطفال العاديين فمن المعروف أن المخ ينمو سريعاً خصوصاً خلال السنوات الثلاثة الأولى، ففي كل مررة يقوم فيها الطفل بعمل شئ ما أو الاستجابة لشئ ما فإن الروابط التي بين المخ تُثبت و تُقوى أكثر ومع الوقت الروابط التي لم تُثبت تختفى وحدها.

 

وبذلك فإن المخ يُخلي مجالاً للروابط القوية والهامة للأفعال و ردور الأفعال اليومية بالنسبة للأطفال. وللأسف فإن هذه العملية لا تحدث في حالة الأطفال المُصابين بالتوحد، لذلك فإن المعلومات من شأنها أن تضيع أو يتم إرسالها عبر الروابط الخاطئة.

 

سابعاً: اسباب متعلقة بالجهاز العصبي:

إن التشوهات التي تحدث في الشفرات الجينية من شأنها أن تحدث تشوهات في آليات نمو الدماغ لدى الطفل ما يؤدي بدوره إلى تشوهات وظيفية وهيكلية في المخ وأيضاً تشوهات في الجهاز العصبي و الإدراكي وبالتالي في السلوكيات.

 

وقد اشار بعض الباحثين والأطباء أن الأسباب التالية لها دور في حالة التوحد التي تصيب الأطفال:

 

– مشاكل في تطور الشفرات الجينية: في مناطق متعددة من المخ بما في ذلك الفص الصدغي الأمامي الأيسر والفص الصدغي الأمامي الأيمن والفص المذنّب والمخيخ.

 

– تشمل التشوهات في الجهاز العصبي و الإدراكي زيادة المادة الرمادية في الفصوص الصدغية الأمامية اليسرى و اليمنى، ونقص المادة البيضاء بها مقارنة بالرمادية.

 

– اختلافات تشريحية ووظيفية في المخيخ وما يسمى بالجهاز الحوفي.

 

اعتقادات خاطئة عن اسباب التوحد :

 

1. التطعيمات:

خلال السنوات القليلة الماضية كان هناك اعتقاد بوجود علاقة ما بين الإصابة بالتوحد والتطعيم الذي يحتوي على مادة الثيمروسل وهو موجود في التطعيمات الخاصة بالأطفال ضد الحصبة الألمانية والنكاف.

(مقال متعلّق)  اعراض التوحد عند الكبار

 

ولكن قامت أبحاث كثيرة واسعة المدى بالتأكيد على عدم وجود أي علاقة ما بين الإصابة بالتوحد و هذا النوع من التطعيمات.

 

2. عدم اهتمام الآباء:

قديماً ساد الاعتقاد بوجود علاقة ما بين الإصابة بالتوحد والتعامل البارد والجاف من قبل الآباء تجاه أبنائهم، حتى أن مصطلح (الأم الثلاجة) في الأوساط النفسية التي تناقش اسباب التوحد .

 

وقد تم نفي هذا تماماً من قبل أبحاث متطورة وأكدت هذه الأبحاث أن جفاف الآباء ربما يتسبب في ظواهر نفسية أخرى بعيدة تماماً عن اسباب التوحد.

 

3. العوامل البيئية فقط:

يُعتقد خطئاً أن الإصابة بالتوحد يمكن أن تحدث فقط بسبب عوامل البيئة المحيطة، ولكن العديد من الباحثين أكدوا أن الإصابة بالتوحد تحدث بينما يكون الجنين مازال في رحم أمه، وأشاروا إلى فكرة الجينات والمشاكل الخاصة بها على أنها أهم الأسباب المنطقية المسببة للتوحد.

 

4. الطريقة التي تمت بها تربية الشخص:

مرة أخرى يعتقد الناس خطئاً أن الطريقة التي يربي بها الىباء أطفالهم – والتي قد تكون خاطئة أو غير تربوية – بأن لها علاقة بإصابة الطفل بالتوحد ولكن يصر الباحثين دائماً على عدم وجود علاقة بين ذلك وبين الإصابة بالتوحد لدى الأطفال فكما ذكرنا فإنهم يرجعون ذلك دائماً لأمور طبية أكثر تعقيداً من ذلك.

 

5. النظام الغذائي:

هذا الاعتقاد مازال سائداً بين العديد من الناس، فكثير منهم يعتقدون أن هناك علاقة بين اتباع رجيم مُعين أو تناول أطعمة معينة -خاصة الأطعمة التي تحتوي على جلوتين أو منتجات الألبان- اثناء الحمل وإصابة الأطفال بالتوحد فيما بعد.

 

ولكن تم نفي ذلك من قبل العديد من الأطباء و الباحثين، ولكن تناول بعض الأطعمة أو المسكنات أو الأدوية والمكملات الغذائية الخاطئة من شأنه أن يزيد من خطر إصابة الجنين بالتوحد لذلك ينصح الأطباء المرأة الحامل بالمتابعة المستمرة مع الطبيب وعدم تناول أطعمة معينة إلا بعد استشارته.

 

وبهذا نكون قد سردنا لكم كل اسباب التوحد التي يزعم الباحثين أنها السبب في الإصابة بهذه الحالات ولكن مازال البحث العلمي يكشف العديد من الأسباب و طرق الوقاية كل يوم.

 

المراجع: 

  1. My child without limits : What Causes Autism
  2. Autism speaks : What causes autism
  3. The Conversation : What causes autism? What we know, don’t know and suspect
  4. NHS UK : Autism spectrum disorder
  5. PBS : Autism Myths and Misconceptions